فالواو: لمطلق الجمع عند البصريين، فإذا قلت: " جاء زيد وعمرو " دل ذلك على اجتماعهما في نسبة المجئ إليهما، واحتمل كون " عمرو " جاء بعد " زيد "، أو جاء قبله، أو جاء مصاحبا له، وإنما يتبين ذلك بالقرينة، نحو:
" جاء زيد وعمرو بعده، وجاء زيد وعمرو قبله، وجاء زيد وعمرو معه "، فيعطف بها: اللاحق، والسابق، ومصاحب.
ومذهب الكوفيين أنها للترتيب، ورد بقوله تعالى: (إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيى) (2).
* * *
____________________
(1) " فاعطف " الفاء للتفريع، اعطف: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بواو " جار ومجرور متعلق باعطف " لاحقا " مفعول به لاعطف " أو " عاطفة " سابقا " معطوف على قوله لاحقا " في الحكم " جار ومجرور تنازعه كل من " سابقا، ولاحقا " أو " عاطفة " مصاحبا " معطوف على سابقا " موافقا " نعت لقوله مصاحبا، (2) لو كانت الواو دالة على الترتيب - كما يقول الكوفيين - لكان هذا الكلام اعترافا من الكفار بالبعث بعد الموت؛ لأن الحياة المرادة من " نحيا " تكون حينئذ بعد الموت، وهي الحشر، ومساق الآية وما عرف من حالهم ومرادهم دليل على أنهم منكرون له؛ فالمراد من الحياة في قولهم " ونحيى " هي الحياة التي يحيونها في الدنيا، وهي قبل الموت قطعا، فدلت الآية على أن الواو لا تدل على الترتيب؛ لأن المعطوف سابق في الوجود على المعطوف عليه.