وقدرة مبينا مختلف أوجه الآراء فيها، كما روى تلك المسائل ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب.
أما تصدي الإمام (عليه السلام) لحركة الزندقة والإلحاد والغلو وأهل البدع والأهواء التي برزت بأعنف صورها في عصر الإمام الصادق (عليه السلام)، والتي كادت أن تجرف عددا كبيرا من المسلمين، غير أن تصدي الإمام وأصحابه ووقوفهم بوجه تلك التيارات الجارفة، ومناظراتهم بالأدلة الدامغة والبراهين الساطعة والحجج الواضحة، حتى استطاع أن يفوت الفرصة عليهم، وإفهامهم فساد مذاهبهم وبطلان حججهم، منهم من ذعن وآمن، ومنهم من لج وكفر، وقد ازدهر في عصره (عليه السلام) علم الكلام وكان في طليعة تلاميذه وأصحابه هشام بن الحكم ومؤمن الطاق وغيرهم.
كما استقطب الإمام الصادق (عليه السلام) نخبة طيبة من خيار أصحابه وتلاميذه، وأودعهم علومه ومروياته، وكانوا على درجة كبيرة من التقوى والثقة والصلاح والضبط، وقد ترجمت في القسم الثاني من كتابي هذا ثلاثمائة وخمسين منهم في فصل خاص بعنوان (الثقات من أصحابه ورواته (عليه السلام)).
استمرت هذه المدرسة بعطائها السخي سنين متمادية حتى لقفتها النجف الأشرف وانتقلت إليها بانتقال العلامة الشيخ أبو جعفر الطوسي، حيث وجد فيها التربة الصالحة والقاعدة المهيئة والمستعدة لتكون خليفة لمدرسة الكوفة، فوسع رحابها وثبت أركانها حتى أصبحت عاصمة فقه آل محمد ومدرستهم على مدى ألف عام.
وبعد وفاة الشيخ الطوسي استمرت المدرسة على ما كانت عليه من عطاء، إذ ترأسها ولده العلامة الشيخ محمد الطوسي، وبعد وفاته بمدة من الزمن انتقلت إلى الحلة في زمن الشيخ ابن إدريس والعلامة الحلي.