وشاء الله أن تتشرف الأرض التي ضمت أجسادهم الزكية، ويقصدهم المؤمنون بلثم أعتابهم المقدسة.
إليهم يقصد القاصدون، ومن منبع علومهم ينتهل الرائدون، وبهم يقتدي المهتدون، وسيبقون إلى ما شاء الله منارا للهدى، ما دامت السماوات والأرض رغم محاولات كيد الكائدين، وهدم قبورهم، ودرس معالمهم، وتشويه علومهم وآثارهم إلى أن يأخذ الله الأرض ومن عليها، ﴿يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون﴾ (1).
والإمام الصادق (عليه السلام)، السادس من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، معين لا ينضب، بحر عجاج، متلاطم الأمواج، لا يسبر غوره، ولا يدرك ضفافه.
وقد تخرج عليه فطاحل العلماء، وأساتذة المدارس الفقهية ورؤساء المذاهب، وقد تتلمذ عليه ونهل من نمير علومه وغزير معارفه الجم الكثير، أمثال هشام ابن الحكم، ومؤمن الطاق، ومحمد بن مسلم، وأبان بن تغلب، وأبو بصير، وحمران ابن أعين، وأبو حنيفة النعمان، ممن يطول ذكرهم، وقد ترجمنا لبعض الثقات منهم في فصل الثقات من أصحابه ورواته يربو على الثلاثمائة وخمسين.
وقد أخذ هؤلاء العلماء عنه علم الحديث والفقه والأصول والتفسير، بالإضافة إلى العلوم الأخرى التي توسع (عليه السلام) في تدريسها كالأخلاق والفلسفة والطب والكيمياء والرياضيات والفلك وغيرها من العلوم الإنسانية والحياتية.
وقد اعترف بفضله العلماء، منهم: أبو حنيفة، حيث قال: " لولا السنتان لهلك النعمان "، يريد بذلك السنتين اللتين تتلمذ عليه في الكوفة.