بين أفول الحكم الأموي المنقرض، وشروق الحكم العباسي المجهول، كما أزيح هذا الحجاب بعض الشيء عن أعين بعض الناس واستبصروا بعد عمى وضلال وعرفوا قدر أهل البيت وما لهم من مكانة علمية راسخة، ومعارف عالية فريدة.
فكان أئمة أهل البيت عندما سنحت لهم الفرصة لنشر علومهم ومعارفهم وجدوا لزاما عليهم، وما ادخروا وسعا في تعليم الجاهل، وإرشاد الضال وتكريم العالم، ونشر العلوم والمعارف على كل الأصعدة والأماكن.
ويكفي فخرا عندما سنحت الفرصة، وثنيت للإمام الصادق (عليه السلام) الوسادة مدة وجيزة من عمره الشريف، أن ملأ الدنيا علوما بشتى فنونها، حتى إن كل عالم فذ، وعبقري لوذعي، في معظم العلوم والفنون، في كل بقاع الأرض يفتخر بالانتساب إلى مدرسته العالية، وجامعته الرشيدة، سواء تتلمذ عليه مباشرة أو غير ذلك.
ومنذ أن تأسست جامعة أهل البيت (عليهم السلام) بعد واقعة الطف، اتخذت الحياد سياسة والاستقلال منهجا، في أسلوب علمي رصين، ودراسة عميقة، تحكي بما جاء به الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في رسالته، رغم شدة الظروف القاهرة الحرجة التي أشاعها الحكام الظلمة ضد منهاج الأئمة الأطهار لأهل البيت (عليهم السلام)، غير أنهم لم تردعهم تلك وسلكوا طريقا بعيدا كل البعد عن مناهجهم غير متأثرين بالضغوط السياسية التي مارسها الحكام ضد أئمة أهل البيت، متخذين أسلوب السلبية منهجا معهم، وقد حرموا كل تعامل معهم مهما كان صغيرا وتافها، حتى قضوا بين قتيل ومسموم مشردين في بقاع الدنيا.
مشردين نفوا عن عقر دور همو * كأنهم قد جنوا ما ليس يغتفر وكانوا مصدر خير في كل بقعة يحلون بها، وبركة على من يحيطون بهم،