وجاء دور المقدس الأردبيلي فاجتهد ووسع مدرسته في النجف الأشرف حتى عادت المرجعية ومدرسة آل محمد (صلى الله عليه وآله) الكبرى إليها، واستمرت النجف في عطائها وتحملت مسؤوليتها وبث إشعاعها العلمي على خير وجه في الحديث والفقه واستنباطه من أصوله، كما توسعت في علم التفسير، حتى انتقلت إلى كربلاء المقدسة في زمن العلامة الشيخ ابن فهد الحلي، وبعد الحركة الأخبارية وتصدي العلامة المحقق البهبهاني لها انتقلت بعد ذلك مرة ثانية إلى النجف الأشرف، وازدهرت في زمن السيد محمد مهدي بحر العلوم والعلامة الشيخ صاحب الجواهر وغيرهم من فطاحل العلماء، واستمرت في عطائها في بث إشعاعها إلى جنب مدرسة ري وقم التي أسسها الأشعريون في القرن الثالث الهجري.
وبعد تصدي الحكام الملحدين من البعثيين الظلمة لمدرسة النجف الأشرف، وقتل العلماء الأعلام كالشهيد السيد محمد باقر الصدر وغيره، واختطاف الأجلة من أعلامها والأساتذة من مدرستها كالعلامة الشيخ محمد تقي الجواهري وغيره، وتشريد وطرد الوافدين إليها من العلماء الأفاضل والطلاب من الأقطار الإسلامية، عند ذاك انتقلت معظم أركانها إلى مدرسة قم المقدسة عش آل محمد (صلى الله عليه وآله) في الجمهورية الإسلامية، في عصرنا هذا، حتى يقضي الله ورسوله أمرا كان مفعولا وما هو خير للأمة والمسلمين. وقد ذكرنا ذلك مفصلا في باب (تأريخ الفقه الشيعي) من كتابنا هذا.
ومن الأبعاد التي انتهجها الإمام الصادق (عليه السلام) في سياسته مع حكام الظلم والجور، فقد اتخذ السلبية منهجا له، ومحاولة عدم الاصطدام بالسلطة والحكام الجائرين، مستفيدا من تجربة ثورة الشهيدين محمد بن عبد الله بن الحسن ذو النفس الزكية وأخيه إبراهيم، ومن ثورة عمه الشهيد زيد بن علي. وعلى الرغم من منهجه