استودعني ما هناك، فلما حضره الوفاة قال: أدع لي شهودا، فدعوت له أربع من قريش فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر، فقال: اكتب هذا ما أوصى به يعقوب بنيه: (يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) وأوصى محمد ابن علي إلى جعفر بن محمد وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمعة، وأن يعممه بعمامته، وأن يربع قبره، ويرفع أربع أصابع، وأن يحل عنه أطماره عند دفنه، ثم قال للشهود: انصرفوا رحمكم الله. فقلت له بعدما انصرفوا: يا أبه، ما كان في هذا بأن يشهد عليه، فقال: يا بني، كرهت أن تغلب وأن يقال: إنه لم يوص إليه، فأردت أن تكون ذلك لك حجة، انتهى.
كان الإمام الصادق (عليه السلام) يعلم - بعلم الإمامة - أن جبار العباسيين المنصور الدوانيقي، سيحاول قتل الإمام الذي يقوم مقامه بعد وفاته (عليه السلام)، ولهذا لم تسمح له الظروف أن يعلن للناس عامة الإمام الذي من بعده وهو ابنه الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) تحفظا على حياته من كيد الظالمين.
وقد اتخذ تدابير حذرة بهذا الشأن، حتى لا يلتبس الأمر على خواص شيعته، فقد نص (عليه السلام) على إمامة ولده موسى بن جعفر (عليه السلام) لخواص شيعته ممن يثق بهم. ونذكر بعض تلك النصوص الهامة منها.
وقد اشتهر في عصر الإمام الصادق (عليه السلام) بين شيعته، في حديث لهشام بن سالم، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: " إن الأمر [أي الإمامة] في الكبير ما لم تكن فيه عاهة " (1). " اشترط في الإمام أن يكون صحيحا وسالما من غير عاهة ".