أبو عبد الله (صلى الله عليه وآله) في رسالته:
" وأما ما سألت من القرآن فذلك أيضا من خطراتك المتفاوتة المختلفة، لأن القرآن ليس على ما ذكرت، وكل ما سمعت فمعناه غير ما ذهبت إليه، وإنما القرآن أمثال لقوم يعلمون دون غيرهم، ولقوم يتلونه حق تلاوته. وهم الذين يؤمنون به ويعرفونه. فأما غيرهم فما أشد إشكاله عليهم، وأبعده من مذاهب قلوبهم، ولذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنه ليس شيء بأبعد من قلوب الرجال من تفسير القرآن) وفي ذلك تحير الخلائق أجمعون إلا من شاء الله، وإنما أراد الله بتعميته في ذلك أن ينتهوا إلى بابه وصراطه، وأن يعبدوه وينتهوا في قوله إلى طاعة القوام بكتابه والناطقين عن أمره، وأن يستنبطوا ما احتاجوا إليه من ذلك عنهم لا عن أنفسهم. ثم قال: ﴿ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم﴾ (1) فأما عن غيرهم فليس يعلم ذلك أبدا ولا يوجد، وقد علمت أنه لا يستقيم أن يكون الخلق كلهم ولاة الأمر إذ لا يجدون من يأتمرون عليه، ولا من يبلغونه أمر الله ونهيه، فجعل الله الولاة خواص ليقتدي بهم من لم يخصصهم لذلك (2). فافهم ذلك إن شاء الله، وإياك وإياك وتلاوة القرآن برأيك! فإن الناس غير مشتركين في علمه كاشتراكهم في ما سواه من الأمور، ولا قادرين على تأويله إلا من حده وبابه الذي جعله الله له! فافهم إن شاء الله، واطلب الأمر عن مكانه تجده إن شاء الله (3).