أئمة من الله يهدون بالحق وبه يعدلون، حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه يدين بهم العباد (1) وتستهل بنورهم البلاد، وينمو ببركتهم التلاد (2)، جعلهم الله حياة للأنام، ومصابيح للظلام، ومفاتيح للكلام، ودعائم للإسلام، جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها، فالإمام هو المنتخب المرتضى، والهادي المنتجى، والقائم المرتجى، اصطفاه الله بذلك، واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه، وفي البرية حين برأه، ظلا قبل خلق النسمة عن يمين عرشه، محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده، اختاره بعلمه، وانتجبه لطهره، بقية من آدم (عليه السلام) وخيرة من ذرية نوح، ومصطفى من آل إبراهيم، وسلالة من إسماعيل، وصفوة من عترة محمد (صلى الله عليه وآله).
لم يزل مرعيا بعين الله يحفظه، وبكلائه (3) يستره، مطرودا عنه حبائل إبليس وجنوده، مدفوعا عنه وقوب الغواسق (4) ونفوث كل فاسق، مصروفا عنه قوارف السوء، مبرءا عن العاهات، محجوبا عن الآفات، معصوما من الفواحش كلها (5)، معروفا بالحلم والبر في يفاعه (6) منسوبا إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه، مسندا إليه أمر والده، صامتا عن المنطق في حياته. فإذا انقضت مدة والده إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مشيته، وجاءت الإرادة من الله فيه إلى محبته، وبلغ منتهى مدة والده، فمضى وصار أمر الله إليه من بعده، وقلده دينه، وجعله