الدولة العباسية في سنة 133، وكان التطاحن بينهم على أشده، فهذه الفرصة سنحت للإمام (عليه السلام) أن ينشر علومه، ويركز دعائم مدرسته وتوسعتها.
ولما جاء عصر الإمام الصادق (عليه السلام) وكان أزهر العصور، اتسع فيه نطاق الحركة العلمية، ونشأت المدارس الإسلامية، وكان في كل بلد عالم يرجع إليه، وكانت مدرسة الإمام الصادق في المدينة جامعة إسلامية كبرى وفي مكة المكرمة أينما حل تشد إليها الرحال، وترسل إليها البعثات من سائر الأقطار الإسلامية للانتهال من نمير علمه، إذ وجدوا عنده ضالتهم المنشودة وغايتهم المطلوبة، ولم يكتب التأريخ أن سئل الإمام (عليه السلام) عن شيء فأجاب ب " لا أدري "، أو أن مناظرا أفحمه، بل كان دائما هو المتفوق في كل علم، والمحلق في كل مناظرة، وأنه كان يمثل قول جده: سلوني قبل أن تفقدوني، فإنه لا يحدثكم أحد بمثل حديثي (1)، وما قال هذا القول إلا جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
وكيف لا يكون كذلك؟ وهو وارث جده الذي اشتهر عنه هذا القول، ولم يستطع أن يقول ذلك شخص إلا أفحم. وعلي (عليه السلام) هو باب مدينة علم الرسول لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنا مدينة العلم وعلي بابها ".
فالإمام الصادق (عليه السلام) يروي عن أبيه الباقر، عن أبيه السجاد زين العابدين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وهو حديث السلسلة الذهبية الذي يستند على أصح الأسانيد وأقواها، ويأتي ذلك مفصلا في تأريخ الفقه الشيعي من هذا الجزء.
وليس من المبالغة إذا قلنا: إن مدرسة الإمام الصادق (عليه السلام) كانت جامعة