عنه.
وأما معنى الوجوب في قولنا: " يجب على الله اللطف " فليس معناه الوجوب الشرعي، بأن يوجب المخلوق على الخالق ويحكم عليه أن يلطف بعباده، كلا بل معناه: الوجوب العقلي وهو إدراك العقل حسن شيء وقبح شيء آخر.
مثلا: العقل يحكم بحسن أداء الأمانة، والإحسان، والوفاء بالوعد، وأمثال ذلك. وكذلك العقل يحكم بقبح الخيانة، والظلم، وخلف الوعد، وتعذيب من لا يستحق العذاب، وأمثال ذلك.
ولقد ورد في القرآن الكريم ما يشبه كلمة - الوجوب - على الله تعالى، كقوله عز شأنه: ﴿كتب على نفسه الرحمة﴾ (١)، و ﴿كتب ربكم على نفسه الرحمة﴾ (٢)، وقوله تعالى: ﴿وكان حقا علينا نصر المؤمنين﴾ (3)، أي أوجب على نفسه إيجابا مؤكدا، وقيل: أوجب على نفسه الثواب لمن أطاعه.
ومن هذا المنطلق ينكشف بطلان مذهب الجبر، الذي يسلب القدرة من العبد في أفعاله، ويسندها إلى الله سبحانه.
فإذا كان العبد مسلوب القدرة فكيف يأمر الله تعالى بشيء خارج عن قدرة العبد؟
وإذا كانت أفعال العبد خارجة عن إرادته وقدرته، فبماذا يستحق العقاب يوم القيامة، مع العلم أنه لم يفعل شيئا بإرادته، وإنما إرادة الله القاهرة هي التي