والخلافة هذه تدين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام)، داهن الحكام الجدد العلويين في بادئ الأمر، حتى استتب لهم الأمر.
ومن جهة أخرى فقد شجعوا المنحرفين عن خط أهل البيت بإنشاء مدارس مذهبية متعددة مقابل مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) لإضعاف مركزها، كما شجعوا بعض الآراء الشاذة للظهور مثل المرجئة والمعتزلة وحتى الخوارج والغلاة. مما أدى ذلك إلى الفوضى في أحكام الدين وتشتت آراء المسلمين ورؤساء المذاهب والفرق.
كما شجع المنصور أبا حنيفة النعمان ومالك بن أنس على تأسيس وظهور مذهبيهما - الحنفي، والمالكي - ومدهما بالجاه والمال، مما جعل سيطرة الحكم الجديد عليهما سيطرة كاملة، وبذلك أمسك المنصور بيده زمام السلطة الدينية إلى جانب سلطته التنفيذية، واتخذ من علمائهم وسيلة لإشغال الناس وإلهائهم عن مؤاخذة أعمال الحكام الجدد، وعملوا لهم الدعايات الهائلة ليدين الشعب لهم بالولاء والطاعة والتقدير.
وفي خضم هذا البحر المتلاطم بأمواج الفوضى كانت مدرسة الإمام الصادق (عليه السلام) بعيدة التأثر بهذه الأمواج المنحرفة والأجواء المضطربة، وبعيدة عن سيطرة الحكام الجدد وفرض آرائهم وتوجيهاتهم الدينية والسياسية، كما كانت مع من سبقهم من حكام بني أمية، ولكن الصراع كان خفيا في بادئ الأمر ثم أصبح علنا فيما بعد، وكان ذلك الصراع قائما بين مدرسة الإمام الصادق (عليه السلام) والسلطة الحاكمة من جهة، وبين مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) والمدارس الفقهية الأخرى من جهة ثانية. وكان هذا الصراع يشتد كلما توسعت مدرسة الإمام الصادق (عليه السلام) وكلما سيطرت السلطة على الحكم وعلى المدارس المنحرفة عن خط أهل البيت، الأمر الذي جعل مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) محدقة بالخطر، لكنها صمدت