المسألة الأصولية - أنه إذا قام مثل ذلك الدليل يحرم () أخذ الأجرة أيضا بالأولوية القطعية في فعل نفس الواجب النفسي، فحينئذ يحرم أخذ الأجرة على فعل المقدمات ولو على القول بعدم وجوبها أيضا، لما عرفت على الاحتمال الأول.
ثم إن مجمل الكلام فيما حققنا من تخصيص حرمة أخذ الأجرة ببعض الواجبات: أنه لا شبهة في أن المانع من أخذ الأجرة على فعل وحرمته () ليس وجوبه، وإلا لما جاز أخذها على الواجبات الصناعية الكفائية، والتالي باطل بالضرورة، بل المانع إنما هو قيام الدليل على لزوم وقوع العمل مجانا كما في بعض الواجبات التوصلية الكفائية كأحكام الأموات من التكفين والدفن، فإنه قد استفيد من الأخبار مملوكية تلك الأعمال للغير مجانا، مثل ما ورد: من أن المؤمن قد ملك عن أخيه المؤمن أمورا منها الدفن وما يتعلق به ()، فيكون أخذ الأجرة عليه من الأكل بالباطل لكون العمل مملوكا للغير، وكما في جميع الواجبات التعبدية، فإن غرض الله - سبحانه وتعالى - قد تعلق بوقوعها خالصة لوجهه الكريم، فكأنها مملوكة له - سبحانه وتعالى - فليس للعبد تمليكها للغير وأخذ العوض منه عليها، لكونه أيضا أكلا بالباطل.
والحاصل: أنه لا يمنع مجرد وجوب فعل على الإنسان من أخذ الأجرة عليه، فلا ملازمة بينهما، بل النسبة بينهما هي العموم من وجه، لافتراق الوجوب عن حرمة أخذ الأجرة في القضاء بين المسلمين، وكذا السعي إلى الميقات لمن