ففيه: أن وجوب المقدمة - على القول به - إنما هو من باب ثبوت التلازم عقلا بينه وبين وجوب ذيها، فمع فرض بقاء وجوب ذيها على حاله لا يفرق في المقدمة بين المباحة والمحرمة، بل لا بد من انقلاب حكم المقدمة الثابت لها بذيها إلى الوجوب، فلا يبقى لها حينئذ حكم الإباحة أو الحرمة.
هذا إذا كانت المقدمة منحصرة في المحرمة.
وأما إذا لم تنحصر فالمقدمة هو الكلي القدر المشترك بين الجائزة والمحرمة وهو جائز قطعا، إلا أن ذلك الكلي إنما يتصف بالوجوب في ضمن فرده الجائز [1]، فالنزاع في مقدمة الواجب ليس في الجزئيات الخارجية حتى يكون خروج المحرمة منها خروجا عن محل النزاع، بل في كلي المقدمة، وهو غير خارج.
نعم قد خرج بعض جزئياته عن الاتصاف بالوجوب والانطباق على المأمور به، فالاستثناء من الانطباق على المأمور به لا من محل النزاع.
هذا ما في جعله القيد المذكور احترازا عن المقدمات المحرمة.
ويتجه على جعله احترازا عن المقدمات الغير المقدورة: أن تلك المقدمات خارجة عن محل النزاع بمجرد تحرير العنوان: بأن مقدمة الواجب واجبة أو لا، فإن ذلك التحرير صريح في كون النزاع في أفعال المكلف الاختيارية له، إذ الأمور الاضطرارية لا تصلح لاتصافها بشيء من الأحكام الخمسة، فالوجوب المتنازع فيه لا يمكن [أن يكون] له موضوع من المقدمات الاضطرارية حتى يتوهم دخولها، فيستعان في إخراجها بما ذكر ().
هذا، وبالجملة: فالنزاع في المقام في وجوب المقدمة الوجودية للواجب