وأما الأخيران: فلأنه لا يعقل ولا يتصور قدر مشترك بين خصوصيات المواد أو الهيئات، لتباينها واختلافها غاية الاختلاف: أما في المواد فواضح، مع أنه يرده الاتفاق المتقدم على أن المستعمل ليست المواد أصلا، وأما الهيئات فلأن الجملة الخبرية بصيغة الماضي لها هيئة مباينة لها بصيغة المضارع، وهيئتها في كل منهما مباينة لهيئتها في الجمل الاسمية.
هذا، مع أن هيئتها بصيغة الماضي أو المضارع أو الجملة الاسمية أيضا غير منظمة، ضرورة اختلاف هيئات الأفعال الدالة على الماضي باختلاف التجرد والزيادة على ثلاثة أحرف، وباختلاف المجهول والمعلوم، وكذا الحال في الأفعال المضارعة، وهكذا في الجمل الاسمية.
فهو مدفوع:
أولا - فبأن هذا لا يخصنا ()، بل على تقدير تماميته يجري على القول الآخر أيضا، فإنهم أيضا يقولون باستعمال الجمل في شيء غير الإخبار، وهو الإنشاء، اللهم إنهم يمنعون من ظهور الوجوب [1].
وثانيا أن المستعمل في معنى الإنشاء ليس مطلق الجمل الخبرية، بل الفعلية منها، وهي ما تكون بصيغة الماضي أو المضارع.
فنقول: إن المستعمل هو الهيئة لا المادة، لكن لا الهيئة الخاصة، بل مطلق هيئتي الماضي والمضارع، وكلتاهما أمر عام.
وما قيل - من منع القدر المشترك بين هيئات أفعال الماضي أو المضارع - مدفوع باتفاقهم على أن الموضوع في الأفعال هي الهيئة العامة بين هيئات