مقدمة لامتثال واجب آخر، فعلى هذا لا يحتاج لزوم إيجاده إلى خطاب من الشرع لكونه معنونا بعنوان المقدمة الذي يحرك معه العقل إلى إيجاده، ولو فرض ورود خطاب به من الشارع فهو لا يكون إلا إرشاديا أو بيانا لكون الشيء مقدمة، كما في المقدمات الشرعية التي لا سبيل للعقل إلى توقف الواجبات عليها مثل:
قوله تعالى: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا () الآية، وأمثاله.
والواجب النفسي بخلافه، فعلى هذا ينطبق () الحد على مقدمات الواجبات كلها، ولا يشمل غيرها أصلا، ولا بد أن يكون كذلك، فإن الظاهر بل المقطوع به أن مرادهم بالواجب الغيري - اصطلاحا - ذلك لا غير، وان كان يصح إطلاقه أيضا على ما كان الغرض من وجوبه التوصل إلى مصلحة حاصلة في غيره لغة، لكنه خارج عن محل الكلام.
وبالجملة: فخرج بقولنا: (لأجل واجب آخر) ما كان الداعي إلى وجوبه حصول غاية وغرض من الأغراض ولو كان ذلك الغرض والغاية هو التأهل لتكليف آخر، كما قيل في وجوب الغسل على الجنب والحائض والنفساء في ليلة رمضان فرارا عن لزوم تقدم وجوب المقدمة على وجوب ذيها، كما عرفت سابقا مع ما فيه.
ومن عرف الواجب الغيري: بأنه ما يكون وجوبه لأجل الغير يرد عليه النقض بجميع الواجبات النفسية، لأنها إنما وجبت لأجل الغير، وهو غايتها المترتبة عليها كالتقرب ونحوه.
ثم إن لازم الواجب الغيري سقوط الوجوب عنه إذا وجد في الخارج بأي وجه اتفق، إلا أنه إذا كان عبادة ليس هو بذاته مقدمة، بل المقدمة هو متقيدا