قلنا: إن المقدمات التوصلية وإن كان إيجادها كيف ما اتفقت مسقطا للأمر الغيري بها، إلا أن السقوط أعم من حصول الامتثال، إذ الأول يتوقف على إيجاد المأمور به على وجه يحصل به الغرض الداعي إلى الأمر به في نظر الآمر، ويحصل بمجرد وقوع العمل على هذا الوجه، بخلاف الثاني، فإنه يتوقف مضافا إلى توقفه على ما ذكر على شيء آخر.
ألا ترى أنه لو أمر مولى عبده بإتيان الماء، وكان غرضه رفع العطش عن نفسه، فأتى به العبد بتشهي نفسه، لا لداعي أمر المولى، لا يبقى بعده وجوب لإتيان الماء، بل يسقط بحصول غرض المولى بذلك الإتيان، مع أنه لم يمتثل ولم يطع قطعا.
فنقول: المقدمات التوصلية نمنع كون المطلوب فيها نفس الذوات أولا، بل المطلوب إنما هو عنوان المقدمة الصادق عليها كما في المقدمات التعبدية أيضا، فحينئذ يتوقف وقوعها على وجه الامتثال على قصد ترتب ذيها بتقريب ما مر.
وأما سقوط الأمر عنها بعد إتيانها بدونه فهو لحصول الغرض، وهو التوصل، لا الامتثال.
ونسلم كون المطلوب فيها هي الذوات ثانيا، لكن بمجرد الإتيان بها كيف كان لا يحصل الامتثال وإن كان يسقط الأمر لحصول الغرض.
وبالجملة: سقوط الأمر أعم من حصول الامتثال، فإن الأول - كما عرفت - يحصل بحصول الغرض، والغرض قد يكون أعم من الامتثال، كما أنه قد يكون أعم من المطلوب أيضا كأعمية المطلوب من الامتثال كذلك، بمعنى أنه قد يكون المطلوب أعم مما يتحقق به الامتثال بحيث لا يلزم من وجوده تحققه.
أما أعمية الغرض من المطلوب فهو كما في الواجبات التوصلية التي تحصل بإيجادها بأي وجه اتفقت كغسل الثوب - مثلا - حيث إنه يحصل بدون