والحاصل: أن الطلب من مقولة الإيجاد، ولا ريب أن إيجاد البعث والتحريك: إما مقيد بشيء، أو مجرد: الأول هو المشروط، والثاني هو المطلق، وإنما يتصور الشق الثالث - وهو القدر المشترك المجرد عن الخصوصيتين - في مقام الإخبار كما في المطلقات لجواز إظهار نفس الماهية المطلقة.
وأما في الإنشاء - الذي هو من مقولة الإيجاد - فلا يعقل فيه ذلك، لأن القدر المشترك لا يمكن حصوله في الخارج بدون إحدى الخصوصيتين.
ثم لما كانت هاتان الخصوصيتان من قبيل الأقل والأكثر وأن فصل إحداهما عدم فصل الأخرى، فبعدم التقييد يتعين الطلب في المطلق، فيكون حمله عليه من جهة ظهوره فيه من باب عدم ذكر القيد. هذا حاصل الوجه الأول.
وأما الوجه الثاني فبيانه: أنا نمنع انحصار فرد الطلب في الوجود الخارجي في المطلق والمشروط، بل يمكن أن يوجد المتكلم بالصيغة الأمر المبهم المردد بينهما، ويقصد به ذلك.
نعم، الترديد لا يعقل في ضميره، فإن الطلب الكامن فيه أحد الأمرين لا محالة، وورود الأمر على هذا النحو فوق حد الإحصاء كما يظهر للمتتبع في الأخبار، فإن أوامر الشروط والأجزاء أكثرها مطلقة من حيث اللفظ مع القطع باشتراط تلك الأجزاء أو الشرائط بوجوب المركب أو المشروط.
وكيف كان فالغرض في تلك الأوامر ليس إلا إبراز الطلب وإيجاده في الجملة. فعلى هذا فلا يمكن حمل كل أمر مطلق بمجرد إطلاقه اللفظي على الوجوب المطلق من أول الأمر، بل لا بد من إحراز كون الخطاب واردا في مقام البيان حتى يحمل إطلاقه على الإطلاق حقيقة، وإلا فيمكن أن يكون من قبيل تلك الأوامر المشار إليها.
هذا، ويمكن إدخال الأوامر المشار إليها في أحد الأمرين من المطلق والمشروط بالتزام إضمار فيها وجعل المضمر: إما قيدا للهيئة، فتدخل تلك في