فإذا عرفت ذلك كله، فاعلم: أنه إذا أتى أولو الأعذار بمتعلقات تلك الأوامر في أول الوقت إذا كان لهم البدار: فإما أن يستوعب عليهم العذر () تمام الوقت، أو يزول عنهم قبل خروجه بمقدار فعل المبدل منه:
فعلى الأول لا شبهة في اقتضاء تلك الأوامر لامتناع التعبد ثانيا إعادة مطلقا، سواء كان التعبد ثانيا بمتعلقاتها أو بالمبدل، وسواء كان اعتبار تلك الأعذار على الوجه الأول من الوجوه الثلاثة المتقدمة، أو على أحد الأخيرين منها:
أما على الوجه الأول فظاهر، ضرورة أن المأتي به أولا حينئذ إنما هو واقعي أولي بالنسبة إليهم، وقد مر في المقام الأول امتناع التعبد به بعد الإتيان به على وجهه - كما هو المفروض فيما نحن فيه - وتعبدهم بالمبدل تعبد بما لا مصلحة فيه في حقهم أصلا، وهو غير معقول، مضافا إلى عدم تمكنهم منه - أيضا - لمكان العذر.
وأما على الوجه الثاني والثالث فلأن التعبد ثانيا حينئذ إما بالبدل المأتي به، وإما بالمبدل منه، والأول خلاف بديهة العقل من اقتضاء كل أمر لامتناع التعبد ثانيا بمتعلقه من جهته، والثاني لا مجال له بالضرورة لتعذر المبدل عليهم، ولو صح هذا لصح التعبد بالمبدل ابتداء من غير انتقال إلى البدل، والمفروض بطلان التالي، فكذلك المقدم.
وأما قضاء فلا شبهة في اقتضائها لامتناعه - أيضا - إذا كان اعتبار تلك الأعذار على الوجه الأول، لما مر من كون المأتي به أولا حينئذ هو الواقع الأولي في حقهم، فيمتنع التعبد به مطلقا كما مر.
وأما على الوجهين الأخيرين فالحق إمكانه، فإن فعل البدل في