صرف التكليف عن الواقع إلى تلك الأبدال إلا مع استيعابها لتمام الوقت المضروب للواقع، إذ بدونه يكون المكلف متمكنا منه في الوقت فينتفي في حقه علة صرف التكليف عنه إلى تلك الأبدال، كما أن لازم اعتبارها على الوجه الأول بكلا الوجهين فيه عدم اشتراط استيعابها لتمام الوقت، بل يكفي في توجه الأمر بمتعلقات تلك الأوامر نحو المكلف حصولها حال الأمر كما في أمر المسافر بالقصر.
الثالث:
أن يكون اعتبارها من حيث العذر مع عدم اعتبار استيعابها لتمام الوقت، وذلك إنما يكون إذا انضم إلى حيثية العذر جهة أخرى كما لا يخفى، إذ بدونها يكون الأمر بالبدل مع التمكن من المبدل منه تفويتا لمصلحة المبدل منه على المكلف إذا لم يأمره به بعد زوال العذر في الوقت، وهو قبيح، أو سفها وعبثا إذا أمر به بعد زوال العذر، وهو أقبح.
وحاصل تصوير هذا الوجه: أن يلاحظ الشارع في حال تلك الأعذار مصلحة محبوبة الحصول له بحيث لا تحصل هي إلا في هذا الجزء من الوقت المقرون بتلك الأعذار مع ملاحظة أن المكلف غير متمكن من تحصيلها بفعل المبدل منه لمكان تلك الأعذار، فيصرف الأمر عنه إلى البدل حينئذ تحصيلا لها، فتكون علة صرفه عنه إليه هنا مركبة من أمرين:
أحدهما: عدم حصول المصلحة المفروضة إلا بذلك الجزء من الوقت.
وثانيهما: تعذر تحصيلها حينئذ بفعل المبدل منه مع كونه محصلا لها على تقدير التمكن منه، ويمكن أن تكون تلك المصلحة هي فضيلة الفعل في أول الوقت. وكيف كان، فلا مرية أن أوامر أولي الأعذار على كل واحد من ذينك الوجهين الأخيرين في اعتبار الأعذار فيها من الأوامر الواقعية الثانوية، كما لا يخفى، لأن الأمر بمتعلقاتها على أي منهما ليس بالأصالة، بل بعنوان بدليتها عن