وارتبك في الهلكات، ومدت به شياطينه في طغيانه، وزينت له سيئ أعماله. " (1) الخطبة.
أقول: قد تقدم في ذيل كلامه عز وجل: " فإن النفس مأوى كل شر. "، (2) وقوله عز وجل في صفات أهل الآخرة: " محاسبين لأنفسهم. "، (3) وقوله عز وجل في بيان ميراث الجوع:
" وحفظ القلب. "، (4) وقوله عز وجل: " ويحفظ قلبه من الوسواس. " (5) آيات وأحاديث وبيان منا تدل على المقصود هنا.
وأما أنه كيف تكون مجاهدة النفس بمنزلة موتها؟ فلأن مقتضى طبع الانسان وعالمه العنصري، هو الانجذاب والميل إلى الأمور الموافقة لخلقته المادية، وأن النفس الأمارة من العوامل الآمرة للانسان باختيار كل ما اشتاق إليه الطبع، سواء كان نافعا لروحه وحياته المعنوية، أم ضارا، فمخالفة النفس فيما يضر بحاله تحتاج إلى مجاهدة بليغة ورياضة شديدة، فلابد للانسان المتوجه الذاكر المتقى المشتاق إلى لقاء الله سبحانه في هذا العالم والدار الآخرة، أن يجاهد نفسه في كل لحظة من ليله ونهاره، حتى يلجمها عن الانحراف من الاعتدال والايقاع في وادي الغفلة عن الله تعالى وعن فطرته وعما يضر بروحه وجسمه.