أ. في بيان كثرة عيوب أهل الدنيا ذكر رواية شريفة تفسر كلامه عز وجل: " يا أحمد! إن عيب أهل الدنيا كثير. ":
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " مر عيسى عليه السلام على قرية قد مات أهلها وطيورها ودوابها، فقال: " أما! إنهم لم يموتوا إلا بسخطه، ولو ماتوا متفرقين لتدافنوا، فقال الحواريون: " يا روح الله وكلمته! أدع الله أن يحييهم لنا، فيخبرونا ما كانت أعمالهم، فنجتنبها. " فدعا عيسى عليه السلام ربه، فنودي من الجو: أن ناداهم.
فقام عيسى عليه السلام بالليل على شرف من الأرض فقال: " يا أهل هذه القرية! " فأجابه منهم مجيب: لبيك، يا روح الله وكلمته! فقال: " ويحكم! ما كانت أعمالكم؟ " قال: عبادة الطاغوت، وحب الدنيا، مع خوف قليل، وأمل بعيد، وغفلة في لهو ولعب.
فقال: " كيف كان حبكم الدنيا؟ " قال: " كحب الصبي لأمه. إذا أقبلت علينا، فرحنا وسررنا، وإذا أدبرت عنا، بكينا وحزنا. " قال: " كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟ " قال:
" الطاعة لأهل المعاصي. " قال: " كيف كان عاقبة أمركم؟ " قال: " بتنا ليلة في عافية، وأصبحنا في الهاوية. " فقال: وما الهاوية فقال: " سجين. " قال: " وما سجين؟ " قال:
" جبال من حجر توقد علينا إلى يوم القيامة. " قال: فما قلتم وما قيل لكم؟ " قال: " قلنا:
ردنا إلى الدنيا، فنزهد فيها، قيل لنا: كذبتم. " قال: " ويحك! كيف لم يكلمني غيرك من بينهم. " قال: " يا روح الله! إنهم ملجمون بلجام من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد، وإني كنت فيهم ولم أكن منهم، فلما نزل العذاب عمني معهم، فأنا معلق بشعرة على شفير