أقول: كون المجاهدة مع الشيطان بحكم الموت واضح للسالك في سبيل الفطرة.
وبياننا في الفقرتين الماضيتين يجرى هنا أيضا.
وأما أنه كيف يجرى الشيطان في ابن آدم مجرى الدم في العروق فهو امر غير مستبعد ولا مستنكر بعد ما نطق به غير واحد من الأخبار، وإن لم نعلم كيفية عالمه وجريانه مجرى الدم، ولكن من المعلوم يقينا وجود الجن وأن الشيطان من تلك الطائفة بنص القرآن الكريم، وان كان لا يراه أكثر الناس، إلا أن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، لأن عالمهم مغاير للعالم المادي. ولا مانع من إشرافهم ونفوذهم في المادة، ومنها العروق، فإذا يدخل الدواء المادي بالأدوات الخاصة في العروق، فنفوذ الشيطان فيها أسهل بمراتب، والحاصل أن عدم العلم بعالمهم وعدم وجدانهم لا يدل على عدم وجودهم كما لا يخفى.