9 - دخل بعض أصحاب أبي عبد الله عليه السلام في مرضه الذي توفى فيه إليه، وقد ذبل فلم يبق إلا رأسه، فبكى. فقال: (لأي شئ تبكي؟) فقال: (لا أبكي وأنا أراك على هذه الحال؟) قال: (لا تفعل، فإن المؤمن تعرض كل خير، إن قطع أعضاؤه كان خيرا له، وإن ملك ما بين الشرق والغرب، كان خيرا له.) (1) 10 - أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (من رضى من الله باليسير من المعاش، رضى الله منه باليسير من العمل.) (2) أقول: يستفاد من مضمون الآية الشريفة والأحاديث التي أوردنا في ذيلها، عمومية جملة (والرضا بما قسمت.) أي جميع ما في هذا العالم من الأرزاق الظاهرية والخارجية والوجودية الموهوبة لنا، كلها من مصاديق ما قسم الله لنا، فيلزم أن نرضى بها.
تذييل فليتوجه أولا: أن المكالمات الواردة في هذا الحديث تقع بين الحق سبحانه وبين رسوله صلى الله عليه وآله الذي دنى فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، وكان لتلقي آيات ربه من خزائن غيبه مستعدا، ولا تكون مكالمته بين الله تعالى أو أحد أوليائه مع المخلوقين، حتى يلزم مراعاة عقولهم الناقصة، فهذه المكالمة في الحقيقة - كما أشرنا إليه في المقدمة - مجلس عال يبحث فيه عن الجواهر الغالية، فيتوقف الاصطياد من هذا البحر العميق على إعمال الفكر والنظر والاستمداد من العنايات الإلهية.
ثانيا: علمنا الرسول صلى الله عليه وآله أنه ينبغي لطالب الكمال، أن يغتنم مجلس أستاذه، ويسأل عنه مما له دخل في سعادته، ولذا سأل ربه في هذه الفقرة عن أفضل