سراية النجاسة إلى المسجد قطعا واما النبوي فالمراد بالنجاسة فيه إما المصدر يعنى جنبوا مساجدكم عن أن ينجس واما الاسم وعليه فهو ظاهر في النجاسات العينية وكيف كان فلا يدل على تحريم ادخال المتنجس مطلقا الا بالاجماع المركب ويمكن منعه بناء على تخصيص المنع بعين النجاسة الملاصقة له أو لفرشه وان لم يتعد إليه بناء على أنه هتك لحرمته وقد نقل عن العلامة الطباطبائي الميل إلى الحرمة هنا ولو لم يتعد فجعل المدار على أحد الامرين التعدي أو هتك الحرمة مع أنه ضعيف لا حجية فيه الا بمعونة الاتفاقات المحكية الموهونة بمصير كثير من المتأخرين إلى الخلاف كالاجماع المحكي عن ف؟ بل دعوى الاجماع المتقدمة من الحلى على جواز ان يجلس من غسل ميتا في المسجد وان أنكرها المحقق بعد تسليم الاجماع على تحريم ادخال النجاسة مطلقا بناء منه على تنافى الاجماعين كما زعمه الحلى أيضا ونحن لا نسلم التنافي فنأخذ برواية الحلى ونطرح درايته شكر الله سعيه هذا مضافا إلى ما دل من الروايات على جواز دخول الحائض المسجد ففي صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر قال قلنا له الحائض والجنب يدخلان المسجد أم لا قال الحائض والجنب لا يدخلان المسجد الا مجتازين وفى أخرى لا باس ان يمرا في سائر المساجد ودعوى إرادة بيان الجواز في مقام توهم المنع عن الدخول من حيث حدثي الجنابة والحيض فلا ينافي المنع من حيث النجاسة مسموعة لو لم يكن الحيثية الأخرى غالبة المصاحبة مع تلك الحيثية ومن المعلوم ان بدن الحائض لا ينفك عن النجاسة الا نادرا بل وكذا الجنب بناء على أن المتعارف عدم إزالة النجاسة عن الحشفة الا عند إرادة الاغتسال كما يظهر من الأخبار الواردة في بيان كيفيته فترك الاستفصال يفيد العموم من هذه الحيثية بلا شبهة ويؤيده بل يدل عليه ما ورد في صحيحة معوية بن عمار في المستحاضة وفيها وإذا لم يثقب الدم الكرسف توضأت ودخلت المسجد و صلت كل صلاة بوضوء لكن لا يبعد ان يراد بالمسجد هنا مصلى المرادة في بيتها كما يلوح من صدر الرواية وغيرها من الروايات الأخر الواردة في أن المراة إذا طمثت في الصلاة تقوم عن مسجدها فلاحظ وفى عدة اخبار ان المستحاضة تطوف بالبيت بعد العمل بما يجب عليها ففي موثقة عبد الرحمن بابان وكل شئ استحلت به للصلاة فلتأتها زوجها ولتطف بالبيت وظاهره الطواف المندوب هذا كله مضافا إلى ما علم من السيرة على عدم منع أصحاب القروح والجروح ومن به الدم القليل عن الجمعة والجماعات وعدم منع الباس عن المرور في المساجد لأجل الأغراض الأخر كالمرافعة كما في زمان أمير المؤمنين (ع) ومذاكرة العلم كما في زمان الصادق (ع) بالنسية إلى المسجد الأعظم بالكوفة إلى غير ذلك من الأغراض وعدم تحريم تمكين الصبيان مع أن الانصاف يقتضى القطع بنجاستهم ثم إن الظاهر أن المسجد يصدق على ارضه وفضائه وسطحه و جدرانه ظاهرها وباطنها وإن كان ظاهر تحريم ادخال النجاسة عدم تحريم تلويث ظواهر جدرانها من الخارج الا ان معاقد الاجماعات يشملها ويلحق به فرشه كالبواري وكذا الآنية المخصوصة وحكى عن ظاهر المدارك الاتفاق عليه قيل ويشعر به عبارة مجمع البرهان ولعله لأنه المتبادر من تجنب المساجد من النجاسة كما أن تجنيب الانسان نفسه عنها يشمل تجنيب ثيابه وما يلازمه غالبا أو دائما ثم إن الظاهر أن وجوب إزالة النجاسة عن المسجد على الفور بلا خلاف ظاهرا وعن المدارك والذخيرة نسبته إلى الأصحاب لا لأجل الامر بل لقرينة المقام حيث إن الحكمة فيه إما الاحترام واما من جهة كونه أعد للصلاة فانا نقطع بان المراد من النبوي ليس هو مجرد تجنيب المسجد عن النجاسة في زمان من الأزمنة المستقبلة مع أن المستفاد من الاجماع على حرمة تنجيس المسجد تنجيسها بمنع احداث النجاسة فيها هو تحريم ابقائها بناء على ما هو الظاهر في المقام من أن المناط هو وجود النجاسة فيها من دون فرق بين الوجود الأولى والثانوي ثم إن الظاهر أنه لا اشكال في كونه كفائيا بالنسبة إلى من استجمع شرائط هذا التكليف ويظهر مما عن الذكرى وجوبه على من ادخله ولعل المراد ان فعل الغير مسقط لابدل ولعله لاستصحاب الحرمة بالنسبة إليه فكما يحرم عليه الاحداث يحرم عليه الابقاء بناء على ما عرفت من أن مناط الحرمة هو الوجود المشترك بين الحدوث والبقاء ولكن هذا لا ينافي الوجوب الكفائي بالنسبة إلى من عداه فكما انه يعاقب على الوجود الأول يعاقب على الوجود الثاني فلو ترك الكل عوقبوا أجمع هذا على ترك الواجب العيني ومن عداه على ترك الكفائي ولو فعله هذا سقط عن الباقي لامن باب الاتيان بالواجب الكفائي وكذلك العكس لو فعل الباقون سقط عنه من باب السقوط لا البدلية ووجوبه الكفائي ثابت على تقدير ترك من عين عليه نظير وجوب انفاق الولد الفقير عينا على والده وكفاية على سائر الناس ولكن التحقيق عدم امكان ذلك بالنسبة إلى العنوان الواحد المستفاد وجوبه من دليل واحد فان المفروض ان الإزالة الواجبة على من ادخل النجاسة واجبة بنفس أدلة وجوب التجنب الشامل لجميع المكلفين ثم إنه لو اشتغل التارك للإزالة بعبادة بنى صحتها وفسادها على النزاع المشهور في مسألة الضد ويظهر من بعض مشائخنا عدم ابتناء الصحة عليه لان الفساد على تقدير حرمة الضد فرع وجود الدليل على فورية وجوب الإزالة حتى فيما إذا اشتغلت ذمته بواجب موسع وهو ممنوع فان الدليل إن كان هو الاجماع فلم يثبت وإن كان دليلا لفظيا فهو معارض بما دل على عموم وجوب ذلك الموسع ومع فقد المرجح يثبت التخيير و لازمه الصحة نعم لو ارتكب مباحا يكون عليه حراما وفيه مالا يخفى فان منع الاجماع على الفورية في مقام اشتغال الذمة بواجب موسع
(٣٧٠)