ولا يأتيه وقد حدثني أبي عن أبيه عن الصادق (ع) قال همت به أن تفعل وهم بأن لا يفعل. فقال المأمون لله درك يا أبا الحسن فأخبرني عن قول الله عز وجل (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه). قال الرضا (ع) ذاك يونس بن متى ذهب مغاضبا لقومه فظن بمعنى استيقن ان لن نقدر عليه أي لن نضيق عليه رزقه، ومنه قوله تعالى (وأما إذا ما ابتلاه ربه فقدر عليه رزقه) أي ضيق وقتر فنادى في الظلمات ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة الحوت أن لا إله إلا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين بتركي مثل هذه العبادة التي قد فرغتني لها في بطن الحوت فاستجاب الله له وقال عز وجل (فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) فقال المأمون لله درك يا أبا الحسن فأخبرني عن قول الله (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا). قال الرضا (ع) يقول الله حتى استيأس الرسل من قومهم ان الرسل قد كذبوا جاء الرسل نصرنا. فقال المأمون لله درك يا أبا الحسن فأخبرني عن قول الله عز وجل (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر). قال الرضا عليه السلام لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنبا من رسول الله صلى الله عليه وآله لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة وستين صنما فلما جاءهم (ص) بالدعوة إلى كلمة الاخلاص كبر ذلك عليهم وعظم وقالوا أجعل الآلهة إلها واحدا ان هذا لشئ عجاب وانطلق الملأ منهم ان امشوا واصبروا على آلهتكم ان هذا لشئ يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق فلما فتح الله على نبيه (ص) مكة قال له يا محمد إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم وما تأخر لأن مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة ومن بقي منهم لم يقدر على انكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه فصار ذنبه في ذلك عندهم مغفورا بظهوره عليهم. فقال المأمون لله درك يا أبا الحسن فأخبرني عن قول الله عز وجل (عفا الله عنك لم أذنت لهم). قال الرضا (ع) هذا مما نزل بإياك أعني واسمعي يا جاره خاطب الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله وأراد به أمته وكذلك قول الله عز وجل
(٢١)