وجه ثالث:
احتج القوم على إمامة أبي بكر بأن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا تجتمع أمتي على خطأ. وقد اجتمعت على أبي بكر، فيكون إماما.
وهذا الخبر بعينه يلزم منه إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ونفيها عن أبي بكر، لأن الأمة بأسرها اجتمعت على إمامة علي، لكن منهم من قدمه بعد الرسول عليه السلام بلا فصل ومنهم من جعله رابعا، فحصل له الاجتماع من الأمة بأسرها.
ولا يقدح في الاجتماع في علي كونه رابعا، لأن الاجتماع من الأمة حصل له على كلا الوجهين كونه أولا وكونه رابعا. وأما الفرقة المحقة الاثنا عشرية لم تقل بإمامة أبي بكر أصلا، فقولهم اجتمعت الأمة على أبي بكر قول باطل لم يحصل له الاجتماع من الأمة أبدا.
هذا على قول من رواه بالرفع.
وأما من رواه بالجزم فيكون النبي صلى الله عليه وآله نهى الأمة عن الاجتماع على الخطأ، فيكون (لا) في الخبر ناهية جازمة. ولو سلم الرفع لهم لم يجد نفعا، فإن لفظه لفظ الخبر ويراد منه النهي، كقوله عليه السلام (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين)، لأن المؤمن قد يلدغ من جحر مرارا كثيرة، فلو كان خبرا حقيقة لامتنع لدغه لإخبار الرسول عليه السلام.
وجه رابع:
احتج القوم بأنهم لو قدموا عليا عليه السلام ارتد كثير من الناس، لم في قلوبهم عليه من الغوائل والأحقاد والتارات، فوجب تأخره وتقديم غيره ليؤمن وقوع هذه الحالة.