وهذا احتجاج باطل متمحل لا أصل له، لأن الله تبارك وتعالى أرسل الرسل عليهم السلام إلى من يعلم أنهم يكفرون كفارا، وكلف قوما وعلم أنهم يضلون إذا كلفهم. ومعلوم أن ضلال هؤلاء من قبل أنفسهم، وكذلك حق عليهم العذاب.
وكذا كان يجب أن يقدم صاحب الحق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فمن لم يرض كان ضلاله من نفسه، فهؤلاء أدرى أم الله تعالى ورسوله بتدبير الحال.
وأما الأحقاد والترات ولغوائل التي في صدور لا قوم على علي عليه السلام بسبب قتله آبائهم وأبناءهم وإخوانهم، فيجب أن يكون (ع) منزها منها لإمامته له فيها، لأنه مأمور بذلك متعبد فيه. ومثله في ذلك كمثل السياف المطيع بين يدي الملك إذا أمره امتثل لأمره وأطاع.
فيجب أن يوجه الترات كلها إلى الرسول صلى الله عليه وآله حيث إنهما أمراه بذلك. وهذا قدح في دين أصحاب الترات، لأنهم لم يرضوا بالله حاكما.
وكان في قتاله عليه السلام إلا كما قال تعالى * (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) * (1)، وفيه نزلت بقول الفريقين، وقد مر ذلك بالفصل السادس عشر.
وهذا الذي بنوا عليه ظن، والظن لا يغني من الحق شيئا، فكما يمكن حصوله يمكن نفيه، فلا وجه لتعلقهم بالظن.