ومما يدلك على أن قرابته أمتن القرابة برسول الله صلى الله عليه وآله، أنه عليه السلام حاز ميراثه وسلاحه ومتاعه وكراعه، فمن ذلك عمامته السحاب وبغلته الشهباء.
وقد أمر الله تعالى نبيه أن لا يسأل العباد أجرا إلا المودة في القربى لا غير، فكانت مودة قرابته أجر سفارته بين ربه عز وجل وبين خلقه.
وقد علم كل مسلم ما صنع به محمد صلى الله عليه وآله من بذله لنفسه الشريفة وتعزيزه بمهجته الكريمة وإبلاغه ببهجته السعيدة وإنذاره بطلعته الجميلة ومجاهدته بغرته الحميدة ولطف تدبيره بأخلاقه الواسعة العظيمة في طاعة ربه عز وجل وإنقاذ عباده من النار، كما قال الله تعالى * (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها) * (1).
ثم إن النبي صلى الله عليه وآله لم يدع القرابة مهملة حتى بينها وأشار إليها وعين أسماء بعضهم، كما تقدم في روايات القوم من تعيينهم لعلي وفاطمة وابناهما، فنزل القرآن مجملا وفسره الأمين الذي لا ينطق عن الهوى، فوجب الانقياد إلى تفسيره والاعتماد عليه.
وأما قول ابن جبير في الخبر (هم آل محمد)، فالمراد بآل محمد أهل محمد، وأهله علي وفاطمة وابناهما، بدليل ما مر بالفصل الأول، لأن أصل (آل) أهل ثم أبدل من الهاء همزة فصارت أأل، ثم أبدل من الهمزة ألف لسكونها وانفتاح ما قبلها، ولهذا إذا صغر (آل) رد إلى أصله فقيل (أهيل).
وأما قوله تعالى في الآية * (إلا المودة في القربى) * قيل معنى إلا ههنا