ألم تر أن قوم موسى عليه السلام حال صعودهم من البحر وقد شاهدوا الآية العظمى، أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، قالوا: يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون، فلا عجب حينئذ أن تنقلب الأمة بعد نبيها وتختلف في وصيه.
ومعلوم أن أبا بكر لم يقل أحد [من الأمة] بأسرها أنه إله يحيي ويميت، بل قوم يرون إمامته وقوم لا يرونها أصلا.
والأمة بأسرها قائلة بإمامة علي عليه السلام، لكن منهم من يجعله أولا ومنهم من يجعله رابعا. فالخلاف حينئذ في علي بين الإلهية والإمامة. والخلاف في أبي بكر هل هو إمام أم لا؟ وهذا تباين عظيم وتباعد مفرط قد بلغ إلى الغاية وارتفع في النهاية.
عظم الفرق فيه باختلاف معانيه، وظهر هيج تباينه لافتراق معانيه، وجل عن القرب فلا يقارب فيه.
ولله در الشاعر حيث يقول (1):
تبا لناصبة الإمام لقد * تهافتوا في الضلال بل تاهوا (2) قاسوا عتيقا بحيد سخنت * عيونهم بالذي به فاهوا كم بين من شك في إمامته (3) * وبين من قيل إنه الله