جميع المنازل. فإذا بطل قول الأول ثبت الثاني.
والذي يدل على فساد القول الأول أشياء:
منها: أن السبب الذي ذكروه طريقه الآحاد، والخبر معلوم بالتواتر، ولا يجوز أن يقصر الخبر المعلوم بالتواتر على سبب مظنون.
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وآله قال هذا القول في مقام بعد مقام، وتأكد ذلك منه يوم الغدير وفي غزاة تبوك، ولو كان الخبر خارجا على سبب - كما قالوا - لما وجب قصره عليه، لأن الصحيح في أصول الفقه أن اللفظ إذا خرج على سبب لا يقصر عليه بل يحمل على عمومه.
فإن قيل: لو أراد بالخبر الإمامة لوجب أن يقول: أنت مني بمنزلة يوشع ابن نون. لأن هذه المنزلة كانت ليوشع بعد وفاة موسى عليه السلام، فلما لم يقل ذلك دل على أنه لم يرد الإمامة بهذا الخبر.
فالجواب: إن هذا قول فاسد من وجوه:
أحدها: أنه إذا كان الخبر دالا على الإمامة بعده لأمير المؤمنين عليه السلام فقول القائل (كان يجب أن يقول النبي كذا وكذا) اقتراح في الأدلة، وذلك فاسد بلا خلاف، لأنه كان يلزم كل أحد استدل بدليل أن يقال له: هلا استدللت بدليل آخر.
ومنها: أن خلافة يوشع ليست معلومة، إنما سمع ذلك من قول اليهود ورواياتهم وروايات قليلة من غيرهم لا يعرف صحتها من فسادها. وقد قيل: إن يوشع بن نون كان نبيا مبعوثا من قبل الله تعالى، والخلافة كانت في أولاد هارون. والله أعلم.
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وآله أراد إثبات جميع منازل هارون من