وروى جدي رحمه الله في كتابه كتاب الاعتبار في إبطال الاختيار حديثا رفعه إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه (1) قال: لما قبض النبي صلى الله عليه وآله وتقلد أبو بكر الأمر، قدم المدينة جماعة من النصارى يقدمهم جاثليق لهم له سمة ومعرفة بالكلام ووجوهه وحفظ التوراة والإنجيل وما فيهما، فقصدوا أبا بكر فقال الجاثليق: إنا وجدنا في الإنجيل رسولا يخرج من بعد عيسى وقد بلغنا خروج محمد بن عبد الله يذكر أنه ذلك الرسول، ففزعنا إلى ملكنا فجمع وجوه قومنا وأنفذنا في التماس الحق فيما اتصل بنا وقد فاتنا نبيكم محمد، وفيما قرأنا من كتبنا أن الأنبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصيائهم يخلفونهم في أممهم يقتبس منهم الضياء فيما أشكل، أفأنت أيها الأمير وصيه أسألك عما احتاج إليه؟
فقال عمر: هذا خليفة رسول الله.
فجثا الجاثليق لركبتيه وقال: أيها الخليفة أخبرنا عن فضلكم علينا في الدين، فإنا جئنا نسأل عن ذلك.
فقال أبو بكر: نحن مؤمنون وأنتم كفارا، والمؤمن خير من الكافر، والإيمان خير من الكفر.
فقال الجاثليق: هذه دعوى تحتاج إلى حجة، فخبرني أنت مؤمن عند الله أم عند نفسك.
فقال أبو بكر: أنا مؤمن عند نفسي ولا علم بمالي عند الله.
قال: فهل أنا كافر عندك على مثل ما أنت مؤمن أو كافر عند الله؟