وهو غاية المبالغة في اللطف بالمؤمنين.
ومثله قول الشاعر (1):
ضعيف العصا بادي العروق ترى له * عليها إذا ما أحدث الدهر إصبغا أراد وصف راع بحسن السياسة بإبلة، يريد بقوله (إصبعا) أي نعمة، لأن الإصبع في لغة العرب النعمة والأثر الحسن.
ولم يرد بقوله تعالى ههنا * (أذلة) * الحير الذي هو ضد الشجاعة، لأن الآية نزلت للمدح لا للذم.
وأما قوله تعالى * (أعزة على الكافرين) * إنما يكون بقتلهم وجهادهم الانتصاف منهم. وهذه حال من لم يسبق أمير المؤمنين إليها سابق ولا لحقة إليها لا حق، بل ما قاربه فيها مقارب.
وهذا مثل قول النبي صلى الله عليه وآله: أكثر أهل الجنة البله (2) فإنه لم يرد بالبله ههنا ضد اليقظة، وإنما أراد الذين يجتنبون الفواحش لا يواقعون منها شيئا أصلا، فشبههم بالبله من حيث إنهم تركوا ذلك كأنهم بله عنه لم يعرفوه أصلا، كما قال الشاعر (3):
ولقد لهوت بطفلة ميادة * بلهاء تطلعني على أسرارها أراد الشاعر أنها بلهاء عن الخيانة، كأنها من إعراضها عن الخنا لا تعرفه أصلا. ولو وصفها بالبله الذي هو ضد اليقظة كان مبالغا في ذمها غير مادح لها.