للبلاء، وحملك على المعصية، أعظم إليك ذنبا من قتلة عثمان وما غضبت حتى أغضبت، وما هجت حتى هيجت، فاتق الله، وارجعي إلى بيتك.
فأجابه طلحة والزبير: إنك سرت مسيرا له ما بعده، ولست راجعا وفي نفسك منه حاجة، فامض لأمرك، أما أنت فلست راضيا دون دخولنا في طاعتك، ولسنا بداخلين فيها أبدا، فاقض ما أنت قاض.
وكتبت عائشة: جل الأمر عن العتاب، والسلام.
قال: ورجعت رسل علي من البصرة. فمنهم من أجابه وأتاه، ومنهم من لحق بعائشة وطلحة والزبير، وبعث الأحنف بن قيس إلى علي: إن شئت أتيتك في مائتي رجل من أهل بيتي، وإن شئت كففت عنك أربعة آلاف سيف، فأرسل إليه علي: بل كف عني أربعة آلاف سيف، وكفى بذلك ناصرا. فجمع الأحنف بني تميم، فقال. يا معشر بني تميم، إن ظهر أهل البصرة فهم إخوانكم وإن ظهر علي فلن يهيجكم، وكنتم قد سلمتم. فكف بنو تميم، ولم يخرجوا إلى أحد الفريقين.
قال: ولما كتب علي إلى طلحة والزبير أتى زمعة بن الأسود إلى طلحة والزبير. فقال لهما: إن عليا قد أكثر إليكما الرسل، كأنه طمع فيكما، وأطمعتماه في أنفسكما، فاتقيا الله إن كنتما بايعتماه طائعين، واتقيا الله علينا وعلى أنفسكما، فإن اللبن في الضرع، ومتى يحلب لا يرجع، وإن كنتما بايعتماه مكرهين فاخرقا هذا الوطب (1)، وادفعا هذا اللبن، فما أغنانا عن هذه الكتب والرسل. قال: فخرج طلحة والزبير وعائشة، وهي على جمل عليه هودج، قد ضرب عليه صفائح الحديد، فبرزوا حتى خرجوا من الدور ومن أفنية البصرة، فلما تواقفوا للقتال، أمر على مناديا ينادي من أصحابه لا يرمين أحد منهما ولا حجرا، ولا يطعن برمح حتى أعذر إلى القوم، فاتخذ عليهم الحجة. قال: فكلم على طلحة والزبير قبل القتال، فقال لهما: استحلفا عائشة بحق الله وبحق رسوله على أربع خصال أن تصدق فيها: هل تعلم رجلا من قريش أولى مني بالله ورسوله، وإسلامي قبل كافة الناس أجمعين وكفايتي رسول الله كفار العرب بسيفي ورمحي، وعلى براءتي من دم عثمان، وعلى أني لم أستكره أحدا على أني لم أكن أحسن قولا في عثمان منكما. فأجابه طلحة جوابا غليظا، ورق له الزبير، ثم رجع علي إلى أصحابه فقالوا: يا أمير المؤمنين، بم كلمت