القرآن، ثم دخل رجل أزرق قصير مجدر، ومعه جرز (1) من حديد، فمشى إليه فقال: على أي ملة أنت يا نعثل، فقال: لست بنعثل، ولكني عثمان بن عفان، وأنا على ملة إبراهيم حنيفا وما أنا من المشركين. قال: كذبت. وضربه بالجرز على صدغه الأيسر فغسله الدم، وخر على وجهه، وحالت نائلة بنت الفرافصة زوجته بينه وبينه، وكانت جسيمة، وألقت بنت شيبة نفسها عليه، ودخل عليه رجل من أهل مصر، ومعه سيف مصلت، فقال: والله لأقطعن أنفه، فعالج امرأته عنه، فكشف عنها درعها. فلما لم يصل إليه أدخل السيف بين قرطها ومنكبها، فضربت على السيف، فقطع أناملها، فقالت: يا رباح، غلام لعثمان أسود ومعه سيف، أعن عني هذا، فضربه الأسود فقتله، ثم دخل آخر معه سيف فقال: أفرجوا لي، فوضع ذباب السيف في بطن عثمان، فأمسكت نائلة زوجته السيف، فحز أصابعها، ومضى السيف في بطن عثمان فقتله، فخرجت امرأته وهي تصيح، وخرج القوم هاربين من حيث دخلوا، فلم يسمع صوت نائلة، لما كان في الدار من الجلبة، فصعدت امرأته إلى الناس، فقالت إن أمير المؤمنين قد قتل. فدخل الحسن والحسين ومن كان معهما، فوجدوا عثمان مقتولا قد مثل به فأكبوا عليه يبكون وخرجوا فدخل الناس فوجدوه مقتولا فبلغ عليا الخبر وطلحة والزبير وسعدا ومن كان بالمدينة فخرجوا وقد ذهبت عقولهم، فدخلوا عليه واسترجعوا، وأكبوا عليه يبكون ويعولون حتى غشي على علي ثم أفاق، فقال لابنيه: كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب؟ فرفع يده فضرب الحسن والحسين، وشتم محمد بن طلحة، ولعن عبد الله بن الزبير، وخرج على وقد سلب عقله، لا يدري ما يستقبل من أمره، فقال طلحة: مالك يا أبا الحسن ضربت الحسن والحسين؟
فقال: يا طلحة، يقتل أمير المؤمنين ولم نقم عليه بينة ولا حجة، فقال طلحة: لو دفع مروان لم يقتل. فقال علي: لو دفع مروان قتل قبل أن تقوم عليه حكومة. فخرج علي فأتى منزله، وأغلق الباب، وكتبت نائلة بنت الفرافصة إلى معاوية تصف دخول القوم على عثمان، وأخذه المصحف ليتحرم به، وما صنع محمد بن أبي بكر وأرسلت بقميص عثمان مضرجا بالدم ممزقا، وبالخصلة التي نتفها الرجل المصري من لحيته، فعقدت الشعر في زر القميص، ثم دعت النعمان ابن بشير الأنصاري، فبعثته إلى معاوية، ومضى بالقميص حتى أتى على يزيد بن أسيد ممدا لعثمان بعثه معاوية في أربعة آلاف، فأخبرهم بقتل عثمان فانصرفوا إلى الشام. قال: ثم دخل أهل مصر الدار، فلما رأوا عثمان مقتولا ندموا واستحيوا وكره أكثرهم ذلك، وثار أهل الدار في وجوههم، فأخرجوهم منها. ثم اقتتلوا عند الباب، فضرب مروان بالسيف فصرع (2).