فلما تيقن عدو الله الخبر، خرج حتى قدم مكة، فنزل على المطلب بن أبي وداعة بن ضبيرة السهمي، وعنده عاتكة بنت أبي العيص بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف، فأنزلته وأكرمته، وجعل يحرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينشد الاشعار، ويبكي أصحاب القليب من قريش، اللذين أصيبوا ببدر، فقال:
طحنت رحى بدر لمهلك أهله * ولمثل بدر تستهل وتدمع قتلت سراة الناس حول حياضهم * لا تبعدوا، إن الملوك تصرع كم قد أصيب به من أبيض ماجد * ذي بهجة يأوى إليه الضيع طلق اليدين إذا الكواكب أخلفت * حمال أثقال يسود ويربع ويقول أقوام أسر بسخطهم: * إن ابن الأشرف ظل كعبا يجزع صدقوا فليت الأرض ساعة قتلوا * ظلت تسوخ بأهلها وتصدع صار الذي أثر الحديث بطعنة * أو عاش أعمى مرعشا لا يسمع نبئت أن بنى المغيرة كلهم * خشعوا لقتل أبى الحكيم وجدعوا وابنا ربيعة عنده ومنبه * ما نال مثل المهلكين وتبع نبئت أن الحارث بن هشامهم * في الناس يبنى الصالحات ويجمع ليزور يثرب بالجموع، وإنما يحمى على الحسب الكريم الأروع قال ابن هشام: قوله " تبع "، و " أسر بسخطهم " عن غير ابن إسحاق.
قال ابن إسحاق: فأجابه حسان بن ثابت الأنصاري. فقال:
أبكاه كعب ثم عل بعبرة * منه، وعاش مجدعا لا يسمع ولقد رأيت ببطن بدر منهم * قتلى تسح لها العيون وتدمع فابكي فقد أبكيت عبدا راضعا * شبه الكليب إلى الكليبة يتبع