ويظهر من الحلبي في السيرة: أن عمرو بن العاص خرج إلى الحبشة بعد غزوة بدر وان رسول الله لما بلغه ذلك بعث عمرو بن أمية إلى النجاشي بكتاب يوصي فيه بالمسلمين، قال: " لما أوقع الله بالمشركين يوم بدر ورجعوا خائبين قالوا: إن ثارنا بأرض الحبشة، فأرسلوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة إلى النجاشي ليدفع إليهما من عنده من المسلمين، فلما بلغ ذلك رسول الله بعث إلى النجاشي عمرو بن أمية الضمري بكتاب يوصي فيه بالمسلمين " (1).
واتفقوا على أن الرسول إلى النجاشي هو عمرو بن أمية الضمري، ولكنهم اختلفوا في إسلامه: ففي " أسد الغابة " عن أبي نعيم: أنه أسلم قديما وهاجر إلى الحبشة، ثم هاجر إلى المدينة وأول مشاهده بئر معونة (2) وعليه فلا اشكال لا في حمله الكتاب الأول ولا في حمله الكتاب الثاني بعد صلح الحديبية وقبل خيبر في تجهيز المسلمين من الحبشة إلى المدينة. ولكن في " الاستيعاب " و " الإصابة " عن ابن سعد (3): أنه شهد بدرا واحدا مع المشركين، وأسلم بعد أحد. وعليه فلم يكن وقتئذ مسلما، فلا يصح حمله الكتاب الأول حتى بعد بدر بناء على خبر الحلبي بإرسال المشركين لعمرو ابن العاص إلى الحبشة بعد بدر. ولذا فقد أورد الحلبي على نفسه بذلك، وفي الجواب رجح خبر إرسال المشركين لعمرو إلى الحبشة بعد الأحزاب، في السنة الخامسة للهجرة.