وفود عبد المطلب على سيف بن ذي يزن:
روى الصدوق في (اكمال الدين) بسنده عن ابن عباس قال: لما ظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة - وذلك بعد مولد النبي (صلى الله عليه وآله) بسنتين - أتاه وفد العرب وأشرافها وشعراؤها بالتهنئة، تمدحه وتذكر ما كان من بلائه وطلبه بثأر قومه.
فأتاه وفد من قريش ومعهم عبد المطلب بن هاشم، وأمية بن عبد شمس، وعبد الله بن جدعان، وأسيد بن خويلد بن عبد العزى (كذا)، ووهب بن عبد مناف (أبو آمنة أم النبي) وأناس من وجوه قريش.
فقدموا عليه في صنعاء، فاستأذنوا فإذا هو في رأس قصر يقال له (غمدان) فدخل عليه الآذن فأخبره بمكانهم فأذن لهم، فلما دخلوا عليه دنا عبد المطلب منه فاستأذنه في الكلام، فقال: ان كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فقد أذنا لك. فتكلم عبد المطلب فقال فيما قال: نحن - أيها الملك - أهل حرم الله وسدنة بيته، أشخصنا إليك الذي أبهجنا من كشف الكرب الذي فدحنا، فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة. قال: وأيهم أنت أيها المتكلم؟ قال: أنا عبد المطلب بن هاشم. فأقبل عليه وعلى القوم فقال:
مرحبا وأهلا ومستناخا سهلا، قد سمع الملك مقالتكم وقبل وسيلتكم، فلكم الكرامة ما أقمتم والحباء إذا ظعنتم.
ثم أمر بهم إلى دار ضيافة الوفود فأقاموا شهرا لا يصلون إليه ولا يأذن لهم بالانصراف، ثم انتبه لهم فأرسل إلى عبد المطلب فأخلى له مجلسه وأدناه، ثم قال له: يا عبد المطلب: اني مفوض إليك من سر على أمر ما لو كان غيرك لم أبح له به، ولكني رأيتك معدنه فأطلعتك عليه، فليكن عندك