الإمبراطورية الرومية.
وعدا هذا فقد كان البيض في شمال الروم في إصكاك وصدام مع الصفر في شرق الروم في سبيل الحصول على أكثر النقاط صلاحا للزراعة والاستثمار، وكانت هذه الصدامات أحيانا تؤدي إلى خسائر فادحة عظيمة من الطرفين، وكان هذا قد تسبب في انقسام الإمبراطورية الرومية إلى قسمين: شرقي وغربي. ويرى المؤرخون أن الأوضاع الاجتماعية والمالية والسياسية الرومية في القرن السادس كانت في اضطراب شديد، ولا يرون في اقتدار الروم على استعادة سلطتها على بعض النقاط المسلوبة منها دلالة على قدرة الروم، بل يرون ذلك من فقدان النظام الحاكم في إيران لانضباطه وكيانه القوي.
اذن: فالإمبراطوريتان اللتان كانتا تدعيان السيادة السياسية على العالم يومئذ كانتا حين طلوع فجر الإسلام تعيشان مرحلة الشيخوخة والهرم، ومن البديهي أن هذه الأوضاع المضطربة كانت قد أوجدت في الشعبين استعدادا بل استقبالا لدين جديد ينظم أوضاعهم هذه من جديد منقذا لهم مما هم فيه من الاضطراب والقلق.
وإذ قرأنا هذا عن أوضاع هاتين الإمبراطوريتين فلنقرأ عن دويلتين عربيتين تابعتين لهما:
ملوك الحيرة من اليمن:
بعد قرنين من الميلاد وفي أوائل القرن الثالث، هبط بعض الطوائف العربية من بني لخم اليمنيين في الأراضي المجاورة للفرات في العراق، على عهد الفرس الساسانيين.