عبد المطلب، فلما أتى عليه اثنان ومائة سنة ورسول الله ابن ثماني سنين، جمع بنيه وقال: محمد يتيم فآووه وعائل فاغنوه واحفظوا وصيتي فيه.
فقال أبو لهب: أنا له! فقال: كف شرك عنه! فقال عباس: أنا له، فقال: أنت غضبان لعلك تؤذيه! فقال أبو طالب: أنا له، فقال: أنت له.
فأمسكه أبو طالب في حجره وقام بأمره يحميه بنفسه وماله وجاهه في صغره من اليهود المرصدة له بالعداوة، ومن غيرهم من بني أعمامه، ومن العرب قاطبة، الذين يحسدونه على ما آتاه الله من النبوة.
وروى عن الخرگوشي في (شرف المصطفى): أ نه لما حضرت عبد المطلب الوفاة دعا ابنه أبا طالب فقال له: يا بني! قد علمت شدة حبي لمحمد ووجدي به، فانظر كيف تحفظني فيه! فقال أبو طالب: يا أبه لا توصني بمحمد، فإنه ابني وابن أخي!
فلما توفي عبد المطلب كان أبو طالب يؤثره بالنفقة والكسوة على نفسه وعلى جميع أهله، وكان إذا أراد أن يعشي أولاده أو يغديهم يقول: كما أنتم حتى يحضر ابني، فيأتي محمد فيأكلون (1).
سفر النبي (صلى الله عليه وآله) الأول مع عمه إلى الشام:
روى الصدوق في (اكمال الدين) بسنده إلى ابن عباس عن أبيه العباس بن عبد المطلب عن أبي طالب قال: خرجت إلى الشام تاجرا سنة ثمان من مولد النبي، وكان في أشد ما يكون من الحر، فلما أجمعت على المسير قال لي رجال من قومي ما تريد أن تفعل بمحمد؟ وعلى من تخلفه؟