مع رسول الله حيث سار، فقلنا له: ويحك! هل بعد هذا شئ؟ فقال:
" سحابة مارة " اللهم إلا أن يكون ذكر كثرة النفاق في بعض الصحابة مما يشنع ذكره ويسوء بعض الناس، وإن كان لم يحذفه ابن هشام، واختار مسلم ما سلم من ذكره، وهذا هو الراجح في الظن.
شرائط دراسة التأريخ:
لا شك في أن البحث في التأريخ أمر خطير وعمل شاق جدا، فالباحث فيه كمن يريد أن يلج بحرا خضما هائجا، وإنما يمد ببصره إلى قاعه ليغنم منه لآلئه ودراريه.
والباحث في التأريخ إن كان يطمح من بحثه إلى إحقاق الحق وازهاق الباطل، فإنه لا يتسنى له ذلك إلا إذا كان واسع الاطلاع، بعيد النظر، شديد الحب للحق، موطنا نفسه على اتباعه، مبتعدا عن التعصب المذهبي المقيت، ورعا في إصدار الأحكام، خبيرا بطرق الاستنباط، عارفا بأمراض التأريخ وعلله، ملما بظروفه ومراحله، مؤثرا مصلحة الإسلام والمسلمين على ما سواها، متحرر الفكر، غير مشدود لما ورثه من أهله وقومه.
وذلك لمساس التأريخ - ولا سيما سيرة الرسول الكريم - بمختلف نواحي الحياة. فمنه تؤخذ العقيدة الدينية، وأحكام الإسلام، ومعارفه وعلومه، وأدبه وأخلاقه، وعلى أساسه تقول الأجيال كلمتها في كل شئ، وعلى ضوئه تحكم على كل شئ.
وقد ابتلي التأريخ والسيرة - ككثير من الأمور - بنظرتين مفرطة وأخرى مفرطة:
فمن مقبل على التأريخ والسيرة مكب على أخذ ما فيه، غثه وسمينه،