موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي - ج ١ - الصفحة ٧٣٣
وبكى علي (عليه السلام) جشعا لفراق رسول الله (صلى الله عليه وآله).
كيفية هجرة النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة:
واستتبع رسول الله أبا بكر بن أبي قحافة (1) وهند بن أبي هالة
(١) روى العياشي في تفسيره ١: ١٠١ عن ابن عباس قال: وجاء أبو بكر - وعلي (عليه السلام) نائم - وهو يحسب أنه نبي الله (فلما رآه عليا) قال: أين نبي الله؟ قال علي: ان نبي الله قد انطلق نحو بئر ميمون، فأدركه. فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار.
وقال الطبري في تاريخه ٢: ٣٧٤ مشيرا إلى هذا: وقد زعم بعضهم: أن أبا بكر أتى عليا فسأله عن نبي الله، فأخبره: أنه لحق بالغار من ثور وقال: ان كانت لك فيه حاجة فالحقه. فخرج أبو بكر مسرعا فلحق نبي الله في الطريق، فسمع جرس أبي بكر في ظلمة الليل فحسبه من المشركين، فأسرع رسول الله المشي فانقطع قبال نعله ففلق إبهامه حجر فكثر دمها، وأسرع السعي، فخاف أبو بكر أن يشق على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرفع صوته وتكلم فعرفه رسول الله فأقام حتى أتاه، فانطلقا، ورجل رسول الله تستن دما حتى انتهى إلى الغار مع الصبح فدخلاه.
وأصبح الرهط الذين كانوا يرصدون رسول الله فدخلوا الدار، وقام علي (عليه السلام) عن فراشه، فلما دنوا منه عرفوه فقالوا له: أين صاحبك؟ قال: لا أدري أو كنت رقيبا عليه، أمرتموه بالخروج فخرج، فانتهروه وضربوه وأخرجوه إلى المسجد فحبسوه ساعة ثم تركوه.
وجاء الحبس في خبر رواه الرضي في " الخصائص " عن علي (عليه السلام) قال: كنت على فراش رسول الله وقد طرح علي ريطته، فأقبلت قريش مع كل رجل منهم هراوة فيها شوكها، فلم يبصروا رسول الله حيث خرج، فأقبلوا علي يضربوني بما في أيديهم حتى تنفض جسدي وصار مثل البيض، ثم انطلقوا بي يريدون قتلي، فقال بعضهم:
لا تقتلوه الليلة، ولكن أخروه واطلبوا محمدا. فأوثقوني بالحديد وجعلوني في بيت (قرب البيت الحرام) واستوثقوا مني ومن الباب بقفل فبينا أنا كذلك، إذ سمعت صوتا من جانب البيت يقول: يا علي! فسكن الوجع الذي كنت أجده، وذهب الورم الذي كان في جسدي، ثم سمعت صوتا آخر يقول: يا علي فإذا الحديد الذي علي قد تقطع، ثم سمعت صوتا: يا علي، فإذا الباب قد تساقط ما عليه وفتح. فقمت وخرجت، وقد كانوا جاؤوا بعجوز كمهاء لا تبصر ولا تنام تحرس الباب، فخرجت عليها وهي لا تعقل من النوم. كما في حلية الأبرار ١: ٩٧، وعن الخرائج في البحار 19: 76.
ومن المستبعد جدا أن يكون أبو بكر قد علم باتجاه الرسول بالسؤال من علي (عليه السلام) في فراش الرسول في حصار المشركين وهم يرمونه، بل المتجه ما ذكره القطب الراوندي في الخرائج والجرائح: قال النبي لأصحابه: لا يخرج الليلة أحد من داره. كما في البحار 19: 73.