بدوه إلى أن بنيت الكوفة فتناقص عمرانها: خمسمائة وبضعا وثلاثين سنة (1)، ثم لم يزل عمرانها يتناقص إلى أيام المعتضد حيث استولى عليها الخراب.
وكان جماعة من خلفاء بني العباس كالسفاح والمنصور والرشيد وغيرهم ينزلونها ويطيلون المقام بها، لطيب هوائها وصفاء جوهرها وصحة تربتها وصلابتها، وقرب الخورنق والنجف منها. وقد كان فيها أديرة كثيرة فيها كثير من الرهبان، فلما تداعى الخراب إليها لحقوا بغيرها. قال المسعودي " وهي في هذا الوقت ليس بها إلا الصدى والبوم " (2).
غساسنة الشام:
وفي القرن الخامس الميلادي هاجرت جماعات من أطراف الجزيرة إلى جهة شمالها الغربي بجوار حدود المملكة الرومية فأسسوا دولة الغساسنة التي كانت تحت حماية الامراء الروميين تبعا للقسطنطينية، كما كان حكام الحيرة عمالا لملوك الفرس.
وتحضرت دولة الغساسنة نوعا ما، فهي كانت تجاور " دمشق " من ناحية ومدينة " بصرى " التأريخية من ناحية أخرى، فهي كانت تحت تأثير الحضارة الرومية. وبما أن الغساسنة كانوا في خلاف مع مناذرة الحيرة اللخميين ومن ورائهم الفرس، لذلك كانوا يوالون الرومانيين. وقد بلغ عدد