مشنونة " (1).
معنى الجاهلية:
ومن مصاديق الحمية الجاهلية ما حاوله البعض أن يحرف في معنى الجاهلية من معنى عدم العلم وفقدان المعرفة لديهم إلى أنها من الجهل بمعنى الحمية والغضب، كما قد يقال: جهل زيد على عمرو بمعنى غضب عليه، وأنها ليست من الجهل بمعنى عدم العلم والمعرفة.
وهذا التوجيه ليس - كما قلنا - إلا مصداقا من مصاديق الحمية الجاهلية، فإن الظاهر من إطلاق الجهل ليس إلا بمعنى ما يقابل العلم والمعرفة، ولا تحمل على معنى الحمية والغضب إلا مجازا بقرينة ما، كما فيما يستشهدون به من قولهم جهل عليه، فإن تعدية الجهل إلى المفعول بلفظة " على " أجلى قرينة لفظية لذلك، وإلا فلا تحمل الكلمة إلا على ما يقابل العلم فقط.
وليت شعري ما يقول أصحاب هذا التوجيه غير الوجيه في معنى ما جاء في الآيات الكريمة الأربع " ظن الجاهلية " و " حكم الجاهلية " و " الحمية الجاهلية " و " تبرج الجاهلية " فهل يصح أن تفسر الجاهلية في هذه الآيات بمعنى الغضب؟
وقد رأينا أمير المؤمنين (عليه السلام) وصف الجاهلية بالجهلاء تأكيدا للمعنى المعروف من الجاهلية، ثم قال: " وبلاء من الجهل " و " إطباق جهل " مما يؤكد ذلك أيضا ويدفع أي ترديد فيه.