عمل ابن هشام في سيرة ابن إسحاق:
وقد جاء بعده عبد الملك بن هشام الحميري البصري (ت 218 ه) بنصف قرن تقريبا، فروى سيرة ابن إسحاق برواية زياد بن عبد الملك البكائي العامري الكوفي (ت 183 ه) ولكنه لم يروها كما هي بل تناولها بكثير من التمرير والاختصار والإضافة والنقد أحيانا، والمعارضة بروايات اخر لغيره، عبر عن أعماله هذه بقوله في صدر سيرته: " وانا - إن شاء الله - مبتدئ هذا الكتاب بذكر إسماعيل بن إبراهيم، ومن ولد رسول الله من ولده، أولادهم لأصلابهم الأول فالأول من إسماعيل إلى رسول الله، وما يعرض من حديثهم - وتارك ذكر غيرهم من ولد إسماعيل للاختصار - إلى حديث سيرة رسول الله. وتارك بعض ما يذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب مما ليس لرسول الله فيه ذكر ولا نزل فيه من القرآن شئ، وليس سببا لشئ من هذا الكتاب ولا تفسيرا له ولا شاهدا عليه، لما ذكرت من الاختصار، وأشعارا ذكرها لم أر أحدا من أهل العلم بالشعر يعرفها، وأشياء بعضها يشنع الحديث به (!) وبعض يسوء بعض الناس ذكره (!) وبعض لم يقر لنا البكائي بروايته (؟) ومستقص - إن شاء الله تعالى - ما سوى ذلك منه بمبلغ الرواية له والعلم به " (1).
إذن فقد أسقط ابن هشام من عمل ابن إسحاق: تأريخ الأنبياء من آدم إلى إبراهيم، ومن ولد إسماعيل من ليس في عمود النسب النبوي الشريف، كما حذف من الأخبار ما يسوء بعض الناس! ومن الشعر ما لم