قال أبو طالب: فقلت: كلا، لم يكن الله ليضيعه!.
ثم خرجنا به إلى الشام فلما توصلنا الشام ازدحم الناس ينظرون إلى وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجاء حبر عظيم كان اسمه نسطورا ينظر إليه لا يتكلم بشئ، فعل ذلك ثلاثة أيام متوالية، فلما كان اليوم الثالث دار خلفه كأنه يلتمس منه شيئا، فقلت له: يا راهب كأنك تريد منه شيئا؟ فقال:
أجل اني أريد منه شيئا، ما اسمه؟ قلت: محمد بن عبد الله، فتغير لونه ثم قال: فترى أن تأمره أن يكشف لي عن ظهره لأنظر إليه، فكشف عن ظهره فلما رأى الخاتم (1) انكب عليه يقبله ويبكي، ثم قال: يا هذا أسرع برد هذا الغلام إلى موضعه الذي ولد فيه، فإنك لو تدري كم عدوا له في أرضنا لم تكن بالذي تقدمه معك.
وروى بسنده إلى يعلى بن سيابة (2) قال: كان مع رسول الله سنة خروجه إلى الشام: خالد بن أسيد بن أبي العاص وطليق بن أبي سفيان بن أمية، فكانا يحكيان أ نهما لما توسطا سوق بصرى إذا بقوم من الرهبان قالوا لهم: نحب ان تأتوا كبيرنا هاهنا في الكنيسة العظمى. فذهبنا معهم حتى دخلنا معهم الكنيسة العظيمة البنيان، فإذا كبيرهم قد توسطهم وحوله تلامذته وقد نشر كتابا بين يديه فأخذ ينظر إلينا مرة وفي الكتاب مرة، ثم قال لأصحابه: ما صنعتم شيئا، لم تأتوني بالذي أريد، وهو الآن ها هنا!