هلا بالحيا والخصب، ألا فانظروا رجلا منكم طوالا عظاما أبيض بضا، أشم العرنين، سهل الخدين، له فخر يكظم عليه، ألا فليخلص هو وولده وليدلف إليه من كل بطن رجل، ألا فليشنوا من الماء، وليمسوا من الطيب، وليطوفوا بالبيت سبعا، ألا وليكن فيهم الطيب الطاهر لذاته، ألا فليستق الرجل وليؤمن القوم، ألا فغثتم - إذا شئتم - وعشتم! قالت: فأصبحت مذعورا قد قف جلدي وولد عقلي، واقتصصت رؤياي، فوالحرمة والحرم ان بقي أبطحي الا قال: هذا شيبة الحمد.
فتتامت إليه قريش، وانقض إليه من كل بطن رجل، فشنوا ومسوا واستلموا وطوفوا، ثم ارتقوا أبا قبيس، وطفق القوم يدلفون حوله حتى قروا بذروة الجبل، واستكنفوا جانبيه. ومعه ابن ابنه محمد وهو يومئذ غلام قد أيفع، فاعتضده فرفعه على عاتقه ثم قال: " اللهم ساد الخلة وكاشف الكربة، أنت عالم غير معلم ومسؤول غير مبخل، وهذه عبيدك وإماؤك بفناء حرمك، يشكون إليك سنتهم التي أذهبت الخف والظلف، فاسمعن اللهم وأمطرن علينا غيثا مريعا مغدقا ".
قالت: فما راموا البيت حتى انفجرت السماء بمائها واكتظ الوادي بثجيجه (1) فقلت شعرا:
بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا فقد فقدنا الحيا واجلوذ المطر (2)