فقلت: لا أريد أن أخلفه على أحد من الناس، أريد أن يكون معي. فقيل:
غلام صغير في حر مثل هذا تخرجه؟ فقلت: والله لا يفارقني حيث ما توجهت أبدا، فإني لأوطئ له الرحل. فذهبت فحشوت له حشية كساء وكتانا. وكنا ركبانا كثيرا، فكان والله البعير الذي عليه محمد أمامي لا يفارقني فكان يسبق الركب كله، فكان إذا اشتد الحر جاءت سحابة بيضاء مثل قطعة ثلج فتقف على رأسه لا تفارقه وهي تسير معنا (1) وفي التفسير المنسوب إلى الأمام الحسن العسكري عن أبيه الهادي (عليهما السلام) قال: ان رسول الله كان يسافر إلى الشام مضاربا لخديجة بنت خويلد، وكان من مكة إلى بيت المقدس مسيرة شهر، فكانوا في حمارة القيظ يصيبهم حر تلك البوادي وربما عصفت عليهم فيها الرياح وسفت عليهم الرمال والتراب وكان الله تعالى في تلك الأحوال يبعث لرسول الله غمامة تظله فوق رأسه تقف بوقوفه وتزول بزواله، ان تقدم تقدمت وان تأخر تأخرت وان تيامن تيامنت وان تياسر تياسرت، فكانت تكف عنه حر الشمس من فوقه.
وكانت تلك الرياح المثيرة لتلك الرمال والتراب تسفيها في وجوه قريش ورواحلها حتى إذا دنت من محمد (صلى الله عليه وآله) هدأت وسكنت ولم تحمل شيئا من رمل ولا تراب وهبت عليه ريحا باردة لينة، حتى كانت قوافل قريش يقول قائلها: جوار محمد أفضل من خيمة، فكانوا يلوذون به ويتقربون إليه، فكان الروح يصيبهم بقربه وان كانت الغمامة مقصورة عليه (2).
وفي رواية الصدوق عن ابن عباس عن أبي طالب قال فلما قربنا من