مطويا حتى يأذن الله فيه فإن الله بالغ أمره: إني أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي اخترناه لأنفسنا وحجبناه دون غيرنا خبرا عظيما وخطرا جسيما فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة، للناس عامة ولرهطك كافة ولك خاصة.
فقال عبد المطلب: فما هو؟ فقال: إذا ولد بتهامة غلام بين كتفيه شامة، كانت له: الإمامة ولكم به الدعامة إلى يوم القيامة. هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد، اسمه محمد، يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه. وقد ولد سرارا والله باعثه جهارا وجاعل له منا أنصارا، ليعز بهم أولياءه ويذل بهم أعداءه، يضرب بهم الناس عن عرض (1) ويستبيح بهم كرائم الأرض، يكسر الأوثان ويخمد النيران ويعبد الرحمان ويزجر الشيطان، قوله فصل وحكمه عدل، يأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويبطله.
فقال عبد المطلب: فهل الملك ساري بإفصاح فقد أوضح لي بعض الإيضاح؟
فقال ابن ذي يزن: والبيت ذي الحجب، والعلامات على النصب، انك يا عبد المطلب لجده غير كذب، فخر عبد المطلب ساجدا لله! فقال له ابن ذي يزن: فهل أحسست شيئا مما ذكرته؟ قال: كان لي ابن كنت به معجبا وعليه رفيقا، فزوجته بكريمة من كرائم قومي: اسمها آمنة بنت وهب، فجاءت بغلام سميته محمدا، مات أبوه وأمه، وكفلته أنا وعمه!
فقال سيف بن ذي يزن: ان الذي قلت لك كما قلت، فاحتفظ بابنك واحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا!