324:
الشيخ محمد حسن ابن الشيخ باقر النجفي مولدا ومسكنا ومدفنا صاحب الجواهر توفي سنة 1266 وقد تجاوز السبعين ودفن في مسجده بالنجف وعلى قبره قبة معروفة. فقيه الامامية الشهير وعالمهم الكبير مربي العلماء وسيد الفقهاء اخذ عن الشيخ جعفر وولده الشيخ موسى وعن صاحب مفتاح الكرامة وعن السيد حسين ابن السيد أبي الحسن موسى ابن السيد حيدر الحسيني العاملي ابن عم صاحب مفتاح الكرامة وعن الشيخ قاسم محيي الدين وغير هؤلاء من تلامذة الوحيد البهبهاني وبحر العلوم الطباطبائي.
انتهت اليه رياسة الطائفة في منتصف القرن الثالث عشر وصار مرجعا للتقليد في سائر الأقطار وأذعن له معاصروه وفيهم من الأئمة المؤلفين مثل الشيخ جواد ابن الشيخ تقي ملا كتاب شارح اللمعتين والشيخ حسن أبين الشيخ جعفر والشيخ محسن خنفر والشيخ محسن الأعسم صاحب كشف الظلام والشيخ خضر شلال والشيخ مشكور الحولاوي ورحل اليه الطلاب من كل فج وتخرج به كل فقهاء المذهب من بعده عربا وفرسا لا يكاد يحصى عدد من اخذ عنه وتخرج به ويمكن ان يقال ان الأئمة المجتهدين منهم يبلغون الستين عدا من عرب وفرس ورزق في التاليف حظا عظيما قلما اتفق لسواه واشتهرت كتبه اشتهارا يقل نظيره وهو يدل على غزارة مادته وتبحره في الفقه أشهرها جواهر الكلام في شرح شرائع الاسلام لم يؤلف مثله في الاسلام حتى حكي عن بعض العلماء أنه قال لو أراد مؤرخ زمانه ان يثبت الحوادث العجيبة في أيامه لما وجد حادثة أعجب من تصنيف هذا الكتاب، لا يكاد يعول المتأخرون عنه على غيره ولا يفضلون عليه كتابا في تمامه واستيفائه كتب الفقه وجمعه لأقوال العلماء من اوله إلى آخره واحتوائه على وجوه الاستنباط والاستدلال مع ما فيه من النظر الدقيق وجيد التحصيل والتحقيق هذا مع تجريده عن الحشو والفضول فهذه مزايا قلما اتفقت في كتاب لمتقدم أو متأخر ويحكى عن الشيخ مرتضى الأنصاري انه كان يقول يكفي للمجتهد في أهبته وعدة تحصيله نسخة من الجواهر وأخرى من الوسائل مع ما قد يحتاج اليه أحيانا من النظر في كتب الأوائل. وعليه إلى الآن معول المجتهدين والمحصلين من الامامية في كل مكان. طبع في إيران عدة مرات في ستة مجلدات كبيرة واصلها المخطوط يزيد على الثلاثين لا تخلو من الغلط إذ أن خط المؤلف ردئ يصعب هجاؤه ونسخة الأصل بخطه. وله في الفقه مجموعة رسائل عملية جارية مجرى المتون سماها نجاة العباد في يوم المعاد جمعت فأوعت فيها الطهارة والصلاة واحكام الحيض والزكاة والخمس والصوم والحج والفرائض وهي عند الجمهور أشهر من الجواهر علق عليها اهل الرأي والفتوى من الفقهاء المتأخرين عن مؤلفها لتكون مرجعا لمقلديهم وهم يعدون بالعشرات كالشيخ مرتضى الأنصاري وهو أول من علق عليها والميرزا الشيرازي والشيخ راضي والحاج ملا علي ابن الميرزا خليل والمامقاني والشرابياني والآقا رضا الهمذاني والشيخ محمد طه نجف والسيد كاظم اليزدي والسيد إسماعيل الصدر وجل من قلد بعد مؤلفها حتى نسختها العروة الوثقى بسهولة عبارتها وحسن ترتيبها، وطبعت أكثر من ثلاثين مرة في إيران والهند وهي من كتب القراءة واشتهرت بالغموض والاغلاق وعليها شروح لجماعة ولها مكانة عظمى في قلوب المتفقهين يتباهون ويتفاخرون بحل عباراتها وأول من عني بها الشيخ مرتضى الأنصاري وتلميذه الميرزا الشيرازي من بعده. وله في الأصول مقالات ورسائل شتى وإجازات كثيرة. ومن آثاره حفر النهر الذي حاول جر الماء فيه إلى النجف أنفق عليه أموالا طائلة ولكن لم يتهيأ له ذلك لأنه لم يكن حفره عن فن وهندسة فكان يحاول فيه غير المقدور. وكان فيما يقال متساهلا في إجازة تلاميذه بالاجتهاد يقول دعوهم يأكلوا خبزا وجرى على خلافه الشيخ مرتضى الأنصاري من بعده فقد كان متشددا في ذلك ولا تعرف له إجازة أو شهادة باجتهاد أحد قط. وعقبه في النجف من أكثر الاعقاب عددا فيهم إلى هذه الغاية الوجيه والفقيه والأديب والشاعر.
وكان متوسعا في تجملاته عكس الشيخ مرتضى الأنصاري الذي كان غاية في التزهد ويقال ان الشيخ مرتضى سئل عن ذلك فقال الشيخ محمد حسن أراد أن يظهر عز الشريعة وانا أردت إظهار زهدها. وكان يرى ان القضاء يجوز بالوكالة ولذلك كثرت وكالته بهذا الخصوص وأظن ان هذا هو الذي كان يتساهل فيه لا اعطاء الشهادة بالاجتهاد. وفي نظم اللآل كانت مدرسته أعظم المدارس تجتمع فيها الأفاضل من اهل كل ناحية وكان من مشائخ الإجازة، كان أحد أجداده من جهة الأم المولى أبو الحسن الشريف العاملي الفتوني الأصفهاني. وعن كتاب طبقات الشيعة ما ذكره صاحب الروضات من انه قرأ على صاحب المصابيح يعني السيد مهدي الطباطبائي ليس بصحيح نعم يروي عنه بواسطة أستاذه السيد جواد صاحب مفتاح الكرامة وكذا ما استظهره من تعبيره عن الآغا البهبهاني بشيخ مشائخنا وأستاذنا الأكبر انه حضر على الآقا البهبهاني في مبدأ امره ليس كما استظهره وانما جرت عادة المصنفين ان يعبروا عن أساتيذ أساتيذهم بمثل ذلك.
وممن مدحه تلميذه السيد حسين ابن السيد رضا ابن السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي بقصيدة طويلة أولها:
هل غازلتك برامة غزلانها * ورعتك من تلك الظباء حسانها منت عليك بزورة من بعد ما * أورى بأحشاك الجوى هجرانها ورثاه بعد موته بقصيدة ارخ فيها عام وفاته مطلعها:
عين البرية باديها وحاضرها * تذري الدموع لناهيها وآمرها زان الشرائع مذ حلى مقالدها * جواهرا ما الدراري من نظائرها فاليوم تسكب من وجد ومن أسف * عليه تلك اللآلي من نواظرها تبكيه شجوا وتنعاه مؤرخة * أبكى الجواهر هما فقد ناثرها 1266 تلامذته أجاز بالاجتهاد عددا كبيرا من تلامذته رأسوا من بعده نسمي أشهرهم واليك أسماءهم:
الحاج ملا محمد الأندرماني الحاج ملا علي الكني الشيخ عبد الحسين الطهراني الميرزا صالح الداماد السيد إسماعيل البهبهاني في طهران السيد أسد الله ابن السيد محمد باقر الشيخ محمد باقر الأصفهاني ابن صاحب حاشية المعالم في أصفهان السيد محمد الشهشهاني الحاج ميرزا محمود البروجردي في بروجرد الشيخ مهدي الكجوري في شيراز الملا محمد الأشرفي في مازندران الملا محمد الساوري الشيخ محمد حسن ياسين الشيخ