أكراني جماله ذاهبا وراجعا وقد هرب مني في هذا الوقت وأكرى بعض قواد الخراسانية ولي عليه بذلك بينة فضم إلي حارسين فمضيا معه فلما بعد عن المسجد قال له يا خبيث تؤدي إلي حقي؟ قال نعم يا ابن رسول الله فقال للحارسين انطلقا عنه ثم أطلقه فقبل محمد بن هشام رأسه وقال بأبي أنت وأمي الله اعلم حيث يجعل رسالته ثم اخرج جوهرا له فدفعه اليه وقال تشرفني بقبول هذا فقال انا اهل بيت لا نقبل على المعروف ثمنا وقد تركت لك أعظم من هذا دم زيد بن علي فانصرف راشدا ووار شخصك حتى يرجع هذا الرجل وانه مجد في طلبك. قال ثم إن الداعي محمد بن زيد الحسني امر للأموي بمثل ما امر به لسائر بني عبد مناف وأمر جماعة من مواليه ان يوصلوه إلى الري ويأتوا بكتابه بسلامته فقام الأموي وقبل رأسه ومضى والقوم معه حتى أوصلوه إلى مأمنه وأتوه بكتابه.
وفي تاريخ طبرستان المقدم ذكره للسيد ظهير الدين المرعشي:
محمد بن زيد بن إسماعيل المعروف بالداعي الصغير. هكذا يقول بعضهم ولكن الصحيح ان الداعي الصغير هو الحسن بن قاسم الحسيني وهو المشهور بالداعي الصغير والموجودون هم أولاده والداعي الكبير هو الحسن بن زيد حكم عشرين سنة ولم يعقب وأعقب بنات ولما أحس بالموت اخذ البيعة لأخيه محمد بن زيد من العوام والخواص ولكن بعد وفاة الداعي خرج صهره المسمى أبو الحسين وبايعه جماعة واستولى على خزائن الداعي وأمواله ووافقه اصفيهابدة طبرستان ولما بلغ الداعي الصغير وفاة أخيه محمد بن زيد تحرك في ذلك اليوم من كركان وجاء إلى ساري فهرب أبو الحسين مع الديالمة الذين بايعوه وجاء إلى شالوس وفي غرة جمادي الآخرة سنة 271 جاء إلى آمل وفي يوم واحد وصل إلى شالوس وأبو الحسين غافل جالس فقبض عليه وعلى باليشام الديلمي وباقي الديالمة وغنم غنائم كثيرة واخذ خزائن أخيه التي كان أبو الحسين اخذها وجاء إلى خواجك وقيد أبا الحسين وحبسه ثم جاء به إلى آمل وأطلقه وأعلن ان كل من له دعوى عليه فيلقمها عليه بموجب الشرع فاثبت عليه فقهاء آمل ألف ألف درهم واخذوها منه ثم حبسه وقيده وارسل باليشام الديلمي إلى ساري ثم لم يوقف لهما على خبر ولما كان محمد الداعي غير راض من الاصفهيد رستم بن قارن ذهب الاصفهيد إلى أمير خراسان رافع ابن هرثمة واتى برافع مع عساكر خراسان إلى مازندران فلم يمكن الداعي الإقامة بآمل فترك آمل وذهب إلى كجور وحصنها فتعقبه رافع إلى كجور فهرب الداعي إلى بلاد الديلم وبقي رافع في كجور أربعة أشهر ومعه اصفهيد رستم فجمع الداعي عساكر الديلم ودعى رجال كلار فأجابوه وجاء إلى شالوس وقبض على نائب رافع وجعل رافع رستم وبادوسيان في ساحل بحر بنفشة كرن وذهب هو إلى اهلم ولما ضاق الامر على رستم وبادوسيان رجع رافع إلى قرية خواج التي تبعد أربعة فراسخ عن شالوس فهرب الداعي إلى وازه كوه فجاء رافع إلى لنكا وصادر أموال الناس وذهب إلى طالقان وخرب الأملاك وأحرق الزروع وأقام مدة في طالقان واستولى على قلعة كيله كيا إلى أن عاهده جتان بن هسودان حاكم الديلم أن لا يمد الداعي وذهب رافع إلى قزوين فأراد الداعي ان يعود إلى شالوس فمنعه رستم ومحمد بن هارون الذين كانا هناك من قبل رافع فذهب رافع إلى ناتل وكان من القضاء ان عسكر الخليفة تحارب مع رافع في قزوين فانهزم رافع واضطر للذهاب إلى خراسان وانضم بكر بن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي إلى محمد الداعي فاستقبله الداعي واهدى له فرسا وهدايا كثيرة منها ألف ألف درهم في مائة صرة غير الآلات والأسباب التي أهداها له وبقي مدة في آمل معززا مكرما واقطعه شالوس ورويان وأرسله بعلم وطوق فلما وصل إلى تأمل امر ان يوضع له السم في الفقاع فشربه فمات. ثم وقعت مخاصمة بين رافع وعمرو بن ليث انهزم فيها رافع فبلغ ذلك المعتضد فولاه نيشابور وأرسله إلى محمد بن زيد الداعي إلى الحق الصغير إلى كيلان وبايعه بشرط ان تكون كركان لرافع وآمل للداعي فذهب الداعي إلى آمل ورافع إلى كركان وفي هذه الأثناء جاء الخبر بموت احمد العجلي حاكم الري فذهب رافع إلى الري وفتحها وبعد شهر أرسل الخليفة ولده حاكما على الري فلم يتمكن رافع من الإقامة وهرب وعاد إلى كركان وأظهر المقاومة للداعي وجاء إلى ساري وخيم على نهر لا ترابن وجاء رستم بن قارن مددا لرافع فكان من القضاء الرباني ان جاء مطر عظيم كالصاعقة فجرف السيل خيامه وأثاثه وهلك كثير من دوابه فذهب إلى استراباد وحصلت معاهدة ثانية بينه وبين الداعي ثم أرسل رافع إلى الاصفهيد رستم: ان هذا العهد الذي جرى بيني وبين الداعي ليس مبنيا على الاخلاص وانا معه على الخلاف الذي كنت عليه وكان الاصهيد قد أرسل إلى عمرو بن ليث ان هذين إذا اتفقا لحقتنا منهما مضرة وحيث تحققوا ان رافعا في الباطن مخالف للداعي تقربوا من رافع والتقوا معه في استراباد فعمل لهم ضيافة مهمة ولما فرغوا من الطعام وجلسوا للمشورة امر بتقييد الاصفهيد وحمله إلى الجبال واستولى على جملة الأموال والمواشي وأعطى ولايته لابي نصر الطبري سنة 282 وأنفق الداعي في تلك السنة على عسكر رافع واخذ البيعة على اهل كركان ودهستان وجاجرم وجاء محمد بن زيد من آمل إلى ساري وكان معه محمد بن وهسودان وعلي بن سرخاب فوقع بينهما خصومة فقتل محمد بن وهسودان واحدا من خدام علي بن سرخاب وذهب علي إلى تاكبلورجان وشاع ان علي بن سرخاب خلع طاعة الداعي فأرسل ابن سرخاب إلى الداعي انني على الطاعة ولكن محمد بن وهسودان معي خصم ولا يمكنني الإقامة معه في مكان واحد وأيضا ماء ساري في الصيف غير صالح لذلك جئت إلى هنا وارسل رافع في ذلك الوقت اني ذاهب لحرب عمرو بن الليث فأمدني بجماعة من الرجالة فذهب الداعي مع رجاله من طريق كركان وأظهر انه ذاهب لامداد رافع وسار متأنيا إلى أن التقى رافع وعمرو بن الليث وانهزم رافع وتفرق عنه الناس وذهبوا إلى عمرو وتوجه رافع إلى خوارزم ونظرا لما رآه اهل خوارزم من ظلمه قبضوا عليه وقتلوه وأرسلوا رأسه إلى عمرو فأرسله إلى الخليفة وبعد هذه الوقايع صفت طبرستان وكيلان للداعي محمد بن زيد وفي سنة 282 جاه خبر بان إسماعيل بن أحمد الساجاني قبض على عمرو وقتله ففرع بال الداعي من الجميع وانتشر صيته ورغب في صداقته العرب والفرس والروم والهند والملوك والأكابر إلى أن وقع في نظر إسماعيل بن أحمد الساماني تملك طبرستان فأرسل محمد بن هارون في جيش عظيم إلى طبرستان واغتر الداعي بنفسه وعجل ملاقاة خصمه وبقدر ما عجل كان محمد بن هارون متأنيا إلى أن صار على نصف فرسخ من البلد فالتقيا هناك فانفرد الداعي مع عدة من أصحابه وخرجوا من قلب العسكر وتقاتلوا مع محمد ابن هارون وأظهروا شجاعة ولكن بدون فائدة وأول شخص قتل هو الداعي وقطع رأسه واسر ابنه أبو الحسين زيد بن محمد وأرسلا إلى إسماعيل ودفن الجسد بدون رأس في كركان ويعرف بكور داعي وكانت مدة حكمه ست عشرة